للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البائع ولو لم يحلفه إلا على أنه باعه بريئا من هذا العيب أمكن أن يكون صادقا وقد حدث العيب عنده قبل الدفع فنكون قد ظلمنا المشتري لأن له الرد بما حدث بعد البيع في يد البائع فهذا يبين لك ما وصفنا أنه لازم في أصله ما وصفنا من مذهبه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَيْبِ إِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَقَدُّمَهُ لِيَسْتَحِقَّ بِهِ الْفَسْخَ وَادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَهُ لِيَمْنَعَهُ الْفَسْخَ إِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الْعَيْبِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا عُلِمَ تَقَدُّمُهُ.

وَالثَّانِي: مَا عُلِمَ حُدُوثُهُ.

وَالثَّالِثُ: مَا اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ، فَأَمَّا مَا عُلِمَ تَقَدُّمُهُ مِثْلُ الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهَا أَوْ شَقُّ جِرَاحَةِ عُنُقِهِ يَسْتَحِيلُ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ حُدُوثُ مِثْلِهَا، فَالْقَوْلُ فِي هَذَا وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ لِعِلْمِنَا بِصِدْقِهِ وَكَذَا الْبَائِعُ.

وَأَمَّا مَا عُلِمَ حُدُوثُهُ فَمِثْلُ جِرَاحَةٍ طَرِيَّةٍ تُسِيلُ دَمًا يَسْتَحِيلُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا فَالْقَوْلُ فِي هَذَا وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ مِنِ ادِّعَاءِ الْعَمَى وَالْعَوَرِ مَعَ اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي بِالرُّؤْيَةِ قَوْلَ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي لِعِلْمِنَا بِصِدْقِ الْبَائِعِ وَكَذِبِ الْمُشْتَرِي، فَأَمَّا مَا أَمْكَنَ حُدُوثُهُ وَتَقَدُّمُهُ كَالْخَرْقِ فِي الثَّوْبِ وَالْكَسْرِ فِي الْإِنَاءِ وَالْجِرَاحِ وَسَائِرِ الْعُيُوبِ الَّتِي يُمْكِنُ حُدُوثُهَا وَتَقَدُّمُهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِمَعْنَيَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ يَقِينٌ وَتَقَدُّمُهُ شَكٌّ وَالْحُكْمُ بِالْيَقِينِ أَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ بِالشَّكِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي تَقْتَضِي الْفَسْخَ وَدَعْوَى الْبَائِعِ تَقْتَضِي الْإِمْضَاءَ وَلُزُومُ الْعَقْدِ مِنْ قَبْلُ يُعَاضَدُ قَوْلَ مَنِ ادَّعَى الْإِمْضَاءَ دُونَ الْفَسْخِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَمِينُهُ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْيَمِينُ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَقَدُّمَ الْعَيْبِ يُوجِبُ خِيَارَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ يَمِينُ الْبَائِعِ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُقُ فِيهَا وَلَا يَمْنَعُ حَقَّ الْمُشْتَرِي بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَيْبَ نَقْصُ جُزْءٍ يَدَّعِي الْبَائِعُ إِقْبَاضَهُ وَالْيَمِينُ فِي الْقَبْضِ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ يَمِينَ الْبَائِعِ عَلَى الْبَتِّ فَصِفَةُ يَمِينِهِ تُبْنَى عَلَى مُقَدِّمِهِ، وَهِيَ أَنَّ مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى فَأَنْكَرَهَا لَمْ يَخْلُ حَالُ إِنْكَارِهِ مِنْ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُقَابِلَ لَفْظَ الدَّعْوَى فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>