للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ الْمُسْتَرَقَّيْنِ، وَيُسْتَرَقُّ مِنَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ ثُلُثُهُ، فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ وَثُلُثٌ، وَيُنْفَذُ بِالْعِتْقِ ثُلُثَا عَبْدٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ، وَيُسْتَأْنَفُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِلدَّيْنِ، فَإِذَا قَرَعَ فِيهِ أَحَدُهُمْ بِيعَ لِلدَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْكُومًا بِعِتْقِهِ أَوْ بِرِقِّهِ، ثُمَّ اسْتُؤْنِفَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ، فَأُعْتِقَ بِهَا ثُلُثَا أَحَدِهِمَا، وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ ثَالِثَةٌ دَيْنًا بَعْدَ مَا بِيعَ فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمَذْهَبُ لَا تُنْقَضُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ، وَيُبَاعُ مِمَّا اسْتَرَقَّهُ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَبْقَى مَعَهُمْ ثُلُثُ عَبْدٍ، فَيُسْتَرَقُّونَ مِنْ ثُلُثَيْ مَنْ عَتَقَ ثُلُثُهُ، لِيَصِيرَ لَهُمْ ثُلُثَا عَبْدٍ، وَلِلْعِتْقِ ثُلُثُ عَبْدٍ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: تُنْقَضُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ، وَيَعُودُ الْعَبْدَانِ الْآخَرَانِ إِلَى حُكْمِ الرِّقِّ، فَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، وَيَبْقَى الْآخَرُ، فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ، وَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ.

وَلَوْ ظَهَرَتْ بَعْدَهَا مِائَةٌ رَابِعَةٌ دَيْنًا بِيعَ فِيهِ مَنْ أَعْتَقَ وَمَنْ رَقَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا لِاسْتِيعَابِ الدَّيْنِ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، فَلَوْ كَانَتِ التَّرِكَةُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ، وَمَاتَ فَحُكِمَ بِعِتْقِ ثُلُثِهِ، وَرَقِّ ثُلُثَيْهِ لِوَرَثَتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُنْقَضُ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ عِتْقِ ثُلُثِهِ وَيُبَاعُ جَمِيعُهُ فِي دَيْنِهِ، وَوَهِمَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَأَعْتَقَ تُسْعَهُ، وَأَرَقَّ فِي الدَّيْنِ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِهِ، وَجَعَلَ وَجْهَ ذلك أن مال للعتق سَهْمٌ، وَلِلدَّيْنِ سَهْمَانِ ثُمَّ سَهْمُ الْعِتْقِ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْوَرَثَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَيَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ سِتَّةٌ مِنْهَا، وَهِيَ الثُّلُثَانِ لِلدَّيْنِ وَثُلُثُهُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْوَرَثَةِ أَثْلَاثًا، لِلْعِتْقِ سَهْمٌ وَهُوَ التُّسْعُ، فَيُعْتَقُ تُسْعُهُ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سَهْمَانِ تُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ عِتْقَ الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فِي الثُّلُثِ، وَلَا وصية إلى بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَمَا لَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَائِهِ.

فَصْلٌ

وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَبِيعَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ أَحَدُهُمْ فِي الدَّيْنِ، وَأُعْتِقَ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَحَدُهُمْ فِي الثُّلُثِ، وَرَقَّ الْآخَرَانِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ الْمُسْتَرَقَّيْنِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ كَالدَّيْنِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَيَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُسْتَرَقُّ مِنَ الْمُعْتَقِ ثُلُثُهُ، وَلَا تُنْقَضُ الْقُرْعَةُ.

وَالثَّانِي: تُنْقَضُ الْقُرْعَةُ، وَتُسْتَأْنَفُ فِي الْعَبْدَيْنِ، وَيُعْتَقُ ثُلُثَا أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مَنْ خَرَجَتْ مِنْهُمَا، وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ بَطَلَ فِيهِ الْعِتْقُ، وَاسْتُؤْنِفَتِ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى الرِّقِّ وَجْهًا وَاحِدًا، وَأُعْتِقَ ثُلُثَا أَحَدِهِمَا، وَرَقَّ بَاقِيهِ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ، وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْمُعْتَقُ، وَأَحَدُ الْمُسْتَرَقَّيْنِ صَارَتِ التَّرِكَةُ عَبْدًا وَاحِدًا، فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ، وَيَرِقُّ ثُلُثَاهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.

فَصْلٌ

وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ لَوْ لَمْ يَعْتِقْهُمْ فِي مَرَضِهِ، وَوَصَّى بِعِتْقِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>