وَخَالَفَ أبو حنيفة فِيهِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ عَقَدَاهُ حَالًا وَافْتَرَقَا ثُمَّ جَعَلَاهُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَلْزَمْ فيه الأجل ويستحب للمسلم أن لَوْ وَفَى بِالْوَعْدِ وَصَبَرَ بِهِ إِلَى الْأَجَلِ وكذا لو عقداه مؤجلا ثم جعلاه حالا بعد التفرق لم يلزم فيه الحلول وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ أَنْ لَوْ وَفَى بِالْوَعْدِ، وَعَجَّلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فِي الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِيهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَا عَقْدَ بَيْنِهِمَا.
مَسْأَلَةٌ:
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ حَتَى يَدْفَعَ الثَّمَنَ قبل أن يفارقه ويكون ما سلف فيه موصوفا وإن كان ما سلف فيه بصفة معلومة عند أهل العلم بها وأجل معلوم جاز قال الله تبارك وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج} فلم يجعل لأهل الإسلام علما إلا بها فلا يجوز إلى الحصاد والعطاء لتأخير ذلك وتقديمه ولا إلى فصح النصارى وقد يكون عاما في شهر وعاما في غيره على حساب ينسئون فيه أياما فلو أجزناه كنا قد عملنا في ديننا بشهادة النصارى وهذا غير حلال للمسلمين ولو كان أجله إلى يوم كذا فحتى يطلع فجر ذلك اليوم (قال) وإن كان ما سلف فيه مما يكال أو يوزن سميا مكيالا معروفا عند العامة ويكون المسلف فيه مأمونا في محله فإن كان تمرا قال صيحاني أو بردي أو كذا وإن كان حنطة قال شامية أو ميسانية أو كذا وإن كان يخلف في الجنس الواحد بالحدارة والرقة وصفا ما يضبطانه به وقال في كل واحد جيدا وأجلا معلوما أو قال حالا وعتيقا من الطعام أو جديدا وأن يصف ذلك بحصاد عام كذا مسمى أصح ويكون الموضع معروفا ولا يستغنى في العسل من أن يصفه ببياض أو صفرة أو خضرة لأنه يتباين في ذلك ولو اشترطا أجود الطعام أو أردأه لم يجز لأنه لا يوقف عليه ولو كان ما أسلف فيه رقيقا قال عبدا نوبيا خماسيا أو سداسيا أو محتلما ووصف سنه وأسود هو أو وضيء أبيض أو أصفر أو أسحم وكذلك إن كانت جارية وصفها ولا يجوز أن يشترط معها ولدها ولا أنها حبلى وإن كان في بعير قال من نعم بني فلان من ثني غير مودن نقي من العيوب سبط الخلق أحمر مجفر الجنبين رباع أو قال بازل وهكذا الدواب يصفها بنتاجها وجنسها وألوانها وأسنانها