قَوْمًا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ، لِرِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَؤُمُّكُمْ أقرؤُكم وَإِنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا ". وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ التَّابِعِينَ الْفُضَلَاءَ صَلَّوْا خَلْفَ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ وَخُرَاسَانَ، وَهُوَ مِمَّنْ فِي نَسَبِهِ نَظَرٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ بِقَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ " وَرُوِيَ " مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ " فَإِنْ أَمَّهُمْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَإِيَّاهُمْ
[(مسألة)]
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " وَأَكْرَهُ إِمَامَةَ مَنْ يُلْحِنُ، لِأَنَّهُ قَدْ يُحِيلُ الْمَعْنَى، فَإِنْ لحن أَوْ لَفَظَ بِالْعَجَمِيَّةِ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْهُ دُونَهُمْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا أَجْزَأَتْهُمْ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ
أَمَّا اللحَنَة فِي الْقُرْآنِ فَإِمَامَتُهُ مَكْرُوهَةٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " يؤمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ". وَاللُّحَنَةُ لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا سَمِعَهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ وَمَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ وَتُشْرَعُ الْقِرَاءَةُ بِهِ، فَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِ
فَإِنْ أَمَّ مَنْ يَلْحَنُ وَصَلَّى النَّاسُ خَلْفَهُ جَمَاعَةٌ لَمْ يَخْلُ لَحْنُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْفَاتِحَةِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ. فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ: فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحِيلَ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُحِيلَهُ فَإِنْ لَمْ يُحِلِ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ كَانَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةً، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَوِّمَ لِسَانَهُ بِقَصْدِ الصَّوَابِ، وَمُعَاطَاةِ الْإِعْرَابِ وَإِنْ أَحَالَ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْبِقَ بِهِ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَعَهُّدٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا وَجَبَ مِنَ الْقُرْآنِ سَلِيمًا وَكَانَ النَّقْصُ فِيمَا لَا يَضُرُّ تَرْكُهُ، فَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا أَثَّرَ فِي صِحَّتِهَا
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ إِحَالَةَ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالصَّوَابِ فِيهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ مَعَ إِسَاءَتِهِ وَإِثْمِهِ، لِأَنَّ إِحَالَةَ الْمَعْنَى تُزِيلُ إعجاز اللفظ، ويبطل حكمه، ويخرجه مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ إِلَى جِنْسِ الْكَلَامِ، فَيَصِيرُ كَالْمُتَكَلِّمِ عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ، فَلِذَلِكَ بَطَلَتْ، فَأَمَّا مَنْ خَلْفَهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute