يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إذا عدم الجنسن لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَى أَخْذِ مَا تَسْتَحِقُّهُ من قوت أَوْ لِبَاسٍ.
وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَقْصِيرٍ لِقَوْلِهِ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ "، وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، لِأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بِالنَّفَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا.
وَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ، لِأَنَّهُ حَكَمَ لَهَا بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ أَبِي سُفْيَانَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْأُمِّ وِلَايَةً عَلَى وَلَدِهَا إِذَا كَانَ صَغِيرًا لِقَوْلِهِ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " وَأَمَّا الْمَعْقُولُ مِنْ معاني لمن مَعَانِي الْأُصُولِ، فَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَةَ مَحْبُوسَةُ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِ وَمَمْنُوعَةٌ مِنَ التَّصَرُّفِ لِحَقِّهِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَوَجَبَ لَهَا مُؤْنَتُهَا وَنَفَقَتُهَا كَمَا يَلْزَمُهُ لِمَمْلُوكِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَى خِدْمَتِهِ وَكَمَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ فِي بَيْتِ الْمَالِ نَفَقَاتُ أَهْلِ النَّفِيرِ لِاحْتِبَاسِ نُفُوسِهِمْ عَلَى الْجِهَادِ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ نفقات الزوجات واجبة فقد إباحة اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعًا بِقَوْلِهِ: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] وَنَدَبَهُ إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى واحدة بقوله: {فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة} وَذَهَبَ ابْنُ دَاوُدَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ إذا قدر على القيام بهن ولا يتقصر عَلَى وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ أَكْثَرُ. لِيَأْمَنَ الْجَوْرَ بِالْمَيْلِ إِلَى بَعْضِهِنَّ أَوْ بِالْعَجْزِ عَنْ نَفَقَاتِهِنَّ، وَأَوْلَى الْمَذْهَبَيْنِ عِنْدِي اعْتِبَارُ حَالِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تُقْنِعُهُ الْوَاحِدَةُ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْنِعُهُ الْوَاحِدَةُ لِقُوَّةِ شَهْوَتِهِ وَكَثْرَةِ جِمَاعِهِ فَالْأَوْلَى أن ينتهي إلى العدد المقنع من اثنين أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ لِيَكُونَ أَغْنَى لِبَصَرِهِ وَأَعَفَّ لِفَرْجِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute