للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَنْتَقِلَ رِجَالُهُمْ وَتُقِيمَ نِسَاؤُهُمْ لِحَرْبٍ يَقْصِدُونَهَا فَيَلْزَمُهَا أَنْ تُقِيمَ مَعَ نِسَائِهِمْ إذا آمن على أنفسن وَلِأَنَّ انْتِقَالَ الرِّجَالِ، فِي هَذِهِ الْحَالِ كَسَفَرِ الْحَاضِرَةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَنْتَقِلَ نِسَاؤُهُمْ وَيُقِيمَ رِجَالُهُمْ لِخَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ يَقْصِدُهُمْ فَتَنْتَقِلُ هَذِهِ مَعَ النِّسَاءِ، وَلَا تُقِيمُ مَعَ الرِّجَالِ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَنْتَقِلَ بَعْضُ الْحَيِّ، وَفِيهِ أَهْلُهَا وَأَهْلُ الزَّوْجِ وَيُقِيمَ بَاقِي الْحَيِّ وَلَيْسَ فِيهِ أَهْلُهَا وَلَا أَهْلُ الزَّوْجِ فَهَذِهِ تَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِ أهلها ولا يقيم بِإِقَامَةِ غَيْرِهِمْ.

وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُقِيمَ أَهْلُهَا وَأَهْلُ الزَّوْجِ، وَيَنْتَقِلَ مَنْ عَدَاهُمْ فَهَذِهِ تُقِيمُ مَعَ الْمُقِيمِينَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ مَعَ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَالْحَالُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَنْتَقِلَ أَهْلُهَا وَيُقِيمَ أَهْلُ الزَّوْجِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ مَعَ أَهْلِ الزَّوْجِ وَلَا تَنْتَقِلَ مَعَ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِمَسْكَنِ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ مَسْكَنِ أَهْلِهَا.

وَالْحَالُ السَّابِعَةُ: أَنْ يَنْتَقِلَ أَهْلُ الزَّوْجِ وَيُقِيمَ أَهْلُهَا فَتَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الِانْتِقَالِ مَعَ أَهْلِ الزَّوْجِ لِاخْتِلَاطِ بَيْتِهَا بِبُيُوتِهِمْ، أَوْ تُقِيمُ مَعَ أَهْلِهَا بِمَكَانِهِمْ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِمَكَانِ الطَّلَاقِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَإِذَا دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنَ الْبَذَاءِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا كَانَ الْعُذْرُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ أَكْثَرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ: لِأَنَّ أَحْكَامَ الْإِعْذَارِ مُخَالِفَةٌ لِأَحْكَامِ الْإِخْبَارِ.

وَالْإِعْذَارُ ضَرْبَانِ:

ضَرْبٌ يَجِبُ عَلَيْهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ، وَهُوَ مَا أَدَّى إِلَى الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهَا إِمَّا مِنْ تَلَفِ مُهْجَةٍ، وَإِمَّا مِنْ إِتْيَانِ فَاحِشَةٍ فَهَذِهِ تُؤْخَذُ بِالنُّقْلَةِ جَبْرًا لِتَحْصِينِ نَفْسِهَا، وَفَرَجِهَا.

وَضَرْبٌ يَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَهُوَ مَا أَدَّى إِلَى الْخَوْفِ عَلَى مَالِهَا مِنْ تَلَصُّصٍ أَوْ أَذِيَّةِ جَارٍ فِي شَتْمٍ أَوْ سَفَهٍ فَتَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالنُّقْلَةِ، وَلَا تُجْبَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا مَعَ أَمْنِهَا عَلَى النَّفْسِ وَالْفَرْجِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي: " وَيُخْرِجُهَا السُّلْطَانُ فِيمَا يَلْزَمُهَا فَإِذَا فَرَغَتْ رَدَّهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لَا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِغْنَاءِ الْحُقُوقِ مِنْهَا، وَالْحُقُوقُ ضَرْبَانِ: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ، وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كَالْأَمْوَالِ.

فَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَطَالِبِهِمْ، فَإِنْ أَخَّرُوهَا فِي الْعِدَّةِ كَانَتْ عَلَى حَالِهَا مُقِيمَةً إِلَى انْقِضَائِهَا، وَإِنْ طَالَبُوهَا بِحُقُوقِهِمْ لَمْ يُمْنَعُوا، فَإِنْ خَرَجَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ حقوقهم في ديون قضتها، أو ودائع درتها أُقِرَّتْ فِي مَسْكَنِهَا، وَإِنِ اقْتَضَتِ الْمُحَاكَمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>