للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعَشْرَ كُلَّهَا فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكِتَابَةِ بِالصِّفَةِ، وَإِنْ صَحَّ تَعْلِيقُ التَّدْبِيرِ بِالصِّفَةِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالصِّفَاتِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْتَقْ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَوْ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، عَتَقَ مَا لَمْ يَقْتَسِمْ بِهِ الْوَرَثَةُ، وَصَارَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي التَّرِكَةِ وَهُوَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ وَقِيمَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ فِي وَقْتِ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا فِي وَقْتِ تَدْبِيرِهِ، لِاعْتِبَارِهَا بِالْعِتْقِ الَّذِي صَارَ بِهِ مُسْتَهْلَكًا، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنِ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرَ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَسَوَاءٌ دَبَّرَهُ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَرِقُّ بَعْدَ الْعِتْقِ. قَالَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَكَاهُ زَكَرِيَّا السَّاجِي عَنْهُ وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَسْرُوقٌ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: حَمَّادُ ابن أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَدَاوُدُ اعْتِبَارًا بِعِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ، لِأَنَّ عِتْقَهَا وَاقِعٌ بِالْمَوْتِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الثُّلُثِ مَا رَوَاهُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ) . وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَوْقُوفًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ أَمْضَى، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنَ الثُّلُثِ، فَكَانَ التَّدْبِيرُ أَوْلَى أَنْ يُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْمَوْتِ كَانَ لُزُومُهُ بِالْمَوْتِ مُوجِبًا لِاعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ، كَالْوَصَايَا وَهَذَا خَالَفَ أُمَّ الْوَلَدِ لِلُزُومِ عِتْقِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ فِي الثُّلُثِ وَاحْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ لِلْوَرَثَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَكْثَرَ، عَتَقَ بِالْمَوْتِ لِحُصُولِ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكِ السَّيِّدُ شَيْئًا، وَكَسَبَ الْمُدَبَّرُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، كَانَتْ مِنْ تَرِكَةِ السَّيِّدِ وَعَتَقَ بِهَا لِمَصِيرِ الْوَرَثَةِ إِلَى مِثْلَيْ قِيمَتِهِ مِيرَاثًا، وَلَوْ كَسَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ مِلْكًا، لَا تُضَافُ إِلَى التَّرِكَةِ، وَلَا يَدْخُلُ بِهَا فِي عِتْقِهِ، وَيَكُونُ فِيهَا مُدَبَّرًا لَمْ يَتْرُكْ سَيِّدُهُ سِوَاهُ، فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ بِالْمَوْتِ وَثُلُثَاهُ مَوْقُوفٌ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ عِتْقَ بَاقِيهِ، فَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ وَيَكُونُ فِي وَلَائِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لِلسَّيِّدِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ إِجَازَتَهُمْ أَمْضَى لِوَصِيَّتِهِ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ لِلسَّيِّدِ ثُلُثُ وَلَائِهِ، وَلَهُمْ ثُلُثَاهُ إِذَا قِيلَ إِنَّ إِجَازَتَهُمْ عَطِيَّةٌ مِنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>