للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ واجبٌ عَلَى كُلِّ بالغٍ مِنْ رجلٍ وامرأةٍ وعبدٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ، فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا صَوْمَ عَلَيْهِمَا لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا وَزَوَالِ التَّكْلِيفِ الَّذِي يُسْقِطُ أَعْمَالَ الْأَبْدَانِ، وَيُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ إِذَا عَقَلَ وَمَيَّزَ مِثْلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالصِّيَامِ لِيَعْتَادَهُ، وَيَأْلَفَهُ فَإِذَا صَامَ صَحَّ صَوْمُهُ وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا حَجٌّ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ حَجِّهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِهِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أَهْلَ الْعَوَالِي بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَالُوا: فَصُمْنَا وَصَوَّمْنَا الصِّبْيَانَ وَاتَّخَذْنَا لَهُمُ اللُّعَبَ مِنَ الْعِهْنِ لِيَلْعَبُوا بِهَا وَيَشْتَغِلُوا عَنِ الْأَكْلَ بِلُعَبِهِمْ.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنِ احْتَلَمَ مِنَ الْغِلْمَانِ أَوْ أَسْلَمَ مِنَ الْكُفَّارِ بَعْدَ أيامٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الصَوْمَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا فِيمَا مَضَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْكَافِرُ، إِذَا أَسْلَمَ فِي أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَلَيْهِ صِيَامُ مَا بَقِيَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) {البقرة: ١٨٩) وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى عَلَى قَوْلِ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا الْحَسَنَ وَعَطَاءً، فَإِنَّهُمَا قَالَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِيمَا مَضَى، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) {الأنفال: ٣٨) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ".

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ صِيَامَ مَا بَقِيَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى لَمْ تَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِسْلَامُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَإِنْ أَسْلَمَ لَيْلًا اسْتَأْنَفَ الصِّيَامَ مِنَ الْغَدِ، وَإِنْ أَسْلَمَ نَهَارًا فَهَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِهِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ أَمْ لا؟ على جهين:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ في حرملة والبويطي ليس عليه قضاء، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ مَعَ إِسْلَامِهِ فِي بَعْضِهِ فَصَارَ كَمَنْ أَسْلَمَ لَيْلًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مَكَانَهُ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، يُوجِبُ عَلَيْهِ صِيَامَ مَا بَقِيَ، وَلَا يُمْكِنُهُ إِفْرَادُ ذَلِكَ بِالصَّوْمِ لَا بِقَضَاءِ يَوْمٍ كَامِلٍ كَمَا نَقُولُ هُوَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ هُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ، وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ وَبَيْنَ أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَلَوْ كَانَ فِي الْأَمْدَادِ كَسْرٌ لَزِمَهُ أَنْ يَصُومَ مكانه يوماً كاملاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>