للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب نفقة المماليك)]

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ بَكْرٍ أَوْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ " الْمُزَنِيُّ شَكَّ " عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحْمَدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ (قَالَ) فَعَلَى مَالِكِ الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْبَالِغَيْنِ إِذَا شَغَلَهُمَا فِي عَمَلٍ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا وَيَكْسُوَهُمَا بِالْمَعْرُوفِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: النَّفَقَةُ تَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ، بِنَسَبٍ، وَزَوْجِيَّةٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ، وَقَدْ مَضَى حُكْمُهَا بِالنَّسَبِ وَالزَّوْجِيَّةِ، فَأَمَّا مِلْكُ الْيَمِينِ فَتَجِبُ بِهِ نَفَقَاتُ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُقَدَّمِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ، مَا لَا يُطِيقُ فَبَيَّنَ بِهَذَا الخبر ما يجب المملوك مِنَ النَّفَقَةِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ مَالِكٌ لِتَصَرُّفِ عَبْدِهِ وَكَسْبِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ لِمَا يَلْزَمُهُ من حراسة نفسه.

(فيما تجب فيه نفقة المملوك)

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ وُجُوبُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا صَحِيحًا أَوْ زَمِنًا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا مُكْتَسِبًا أَوْ غَيْرَ مُكْتَسِبٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكْتَسِبٍ أَنَفَقَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا فَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ فِي اسْتِخْدَامِهِ وَالْتِزَامِ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَبَيْنَ الْإِذْنِ لَهُ فِي الِاكْتِسَابِ وَيَكُونُ اكْتِسَابُهُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِتَصَرُّفِهِ، وَعَلَى السَّيِّدِ نَفَقَتُهُ، وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَخْذِ جَمِيعِ كَسْبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنِ اكْتَسَبَ وَفْقَ نَفَقَتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْكَسْبُ أَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ رَجَعَ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْبَاقِي مِنْ نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْكَسْبُ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِفَاضِلِ كَسْبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>