للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَرْجِعَا جَمِيعًا عَنْ وِكَالَتِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا لِبُطْلَانِ وِكَالَتِهِ مِنْهُمَا.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرْجِعَ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَقَدِ انْفَسَخَتْ وِكَالَتُهُ بِرُجُوعِ الرَّاهِنِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ.

وَحُكِيَ عَنْ أبي حنيفة أَنَّ وِكَالَةَ الْعَدْلِ لَا تَنْفَسِخُ بِرُجُوعِ الرَّاهِنِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ وِكَالَتَهُ صَحَّتْ بِهِمَا فَصَارَ وَكِيلًا لَهُمَا وَمَنْ كَانَ وَكِيلًا لِنَفْسَيْنِ بَطَلَتْ وِكَالَتُهُ بِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا كَالشَّرِيكَيْنِ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَرْجِعَ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ كَافَّةً: أَنَّ وِكَالَتَهُ قَدِ انْفَسَخَتْ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ الْوِكَالَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِرُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْعَدْلُ مِنَ الْبَيْعِ بِرُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَنْفَسِخَ وِكَالَتُهُ.

قَالَ: لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلرَّاهِنِ وَمَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعُ الْمُرْتَهِنِ فِي إِذْنِهِ بِقَادِحٍ فِي صِحَّةِ وِكَالَتِهِ.

وهذا قول لا يتحصل لأن بعضه ينقص بَعْضًا، لِأَنَّ الْوِكَالَةَ إِنَّمَا هِيَ إِذْنٌ بِالْبَيْعِ فَإِذَا مُنِعَهُ بِرُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَدْ زَالَ مُوجِبُ الْوِكَالَةِ وَهَذَا صَرِيحُ الْفَسْخِ إِلَّا أَنَّ وِكَالَةَ الرَّاهِنِ لَا تَنْفَسِخُ بِرُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ، كَمَا لَا تَنْفَسِخُ وِكَالَةُ الْمُرْتَهِنِ بِرُجُوعِ الرَّاهِنِ.

فَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَانَ كَمَا لَوْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ الْوِكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا تَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ فَلَوْ وَكَّلَا رَجُلَيْنِ ثُمَّ أَبْطَلَا وِكَالَةَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مِنْهُمَا الْبَيْعُ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا أَوْ يُوَكِّلَا مَعَهُ مَنْ يقوم مقام الميت.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَاسُ بِمِثْلِهِ فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَى جَاءَ مَنْ يَزِيدُهُ قَبْلَ الزِّيَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا وُكِّلَ الْعَدْلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْوَكِيلِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْبَيْعِ إِذَا كَانَ الْإِذْنُ مُطْلَقًا خَمْسَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: الِاجْتِهَادُ فِي تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَأَلَّا يَبِيعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَبِيعَهُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ حَالًّا وَلَا يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَلَا مُنَجَّمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>