للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ رِوَايَتِهِمْ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَرْجِيحٌ.

وَالثَّانِي: اسْتِعْمَالٌ فَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أوجه.

أحدهما: أَنَّ أَخْبَارَنَا أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إِسْنَادًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا أَزْيَدُ وَأَكْثَرُ عَمَلًا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ عَمَلُ الْأَئِمَّةِ وَفِعْلُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، قَدْ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ الْعَمَلُ بِأَخْبَارِنَا أَوْلَى لِمَا تَضَمَّنَهَا مِنَ التَّرْجِيحِ، وَأَمَّا الاستعمال فمن ثلاثة أوجه:

أحدهما: اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرَّاوِي وَقَوْلِهِ كَصَلَاتِكُمْ هَذِهِ أَيْ: يَتَضَمَّنُهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ، وَقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ " كَأَحَدِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا " يَعْنِي: مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ.

وَالثَّانِي: تَسْلِيمُ الرِّوَايَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَحَمْلُهَا عَلَى الْجَوَازِ، وَحَمْلُ مَا رُوِّينَاهُ عَلَى الْأَفْضَلِ وَالْمَسْنُونِ، كَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً لِيَدُلَّ عَلَى الْجَوَازِ، وَثَلَاثًا لِيَدُلَّ عَلَى الْأَفْضَلِ.

وَالثَّالِثُ: حَمْلُ رِوَايَتِهِمْ عَلَى أَنَّ الْخُسُوفَ تَجَلَّى سَرِيعًا وَلَمْ يَطُلْ، فَرَكَعَ رُكُوعًا وَاحِدًا، وَحَمْلُ رِوَايَتِنَا عَلَى أَنَّهُ أَطَالَ فَرَكَعَ رُكُوعَيْنِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ رَكَعَ رُكُوعًا وَاحِدًا ليدل على الجواز، والسنة، فالأولى أن يركع ركوعين في تطويل الخسوف وتجليه فالسنة في طويل الخسوف ركوعان وَفِي قَصِيرِهِ رُكُوعٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، لَيْسَ بَعْضُهُ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْخُسُوفَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَلَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا رُكُوعٌ زَائِدٌ، فَيُقَالُ الصَّلَوَاتُ قَدْ تَخْتَلِفُ فِي هَيْئَاتِهَا وأركانا، وَلِكُلِّ صَلَاةٍ هَيْئَةٌ تَخْتَصُّ بِهَا، فَلِصَلَاةِ الْعِيدِ هَيْئَةٌ، وَلِصَلَاةِ الْخُسُوفِ هَيْئَةٌ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُبْطِلًا لِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ تَغْيِيرُ هَيْئَاتِهَا، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِتَغْيِيرِ هَيْئَاتِهَا وَاخْتِلَافِ أَوْصَافِهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الصَّلَاةَ تَخْتَلِفُ فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا، إِلَّا فِي زِيَادَةِ أَرْكَانِهَا فَوَاضِحُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ أَعْدَادِهَا تُوجِبُ زِيَادَةَ أَرْكَانِهَا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةُ مَعْنَى يَقْتَضِي الِانْفِصَالَ عَنْهُ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا صِفَةُ الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّتُهَا، فَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْإِحْرَامِ نَاوِيًا صَلَاةَ الْخُسُوفِ، ثُمَّ يَتَوَجَّهَ وَيَسْتَعِيذَ، وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ يَبْتَدِئُهَا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ إِنْ كَانَ يُحْسِنُهَا، أَوْ بِقَدْرِهَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَا قَرَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِوَايَتِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطَالَ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ بِنَحْوٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ بِقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ، يُسَبِّحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>