للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيَانُهُ: أَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ انْحَلَّتْ بِهِ الْيَمِينُ، فَسَقَطَ حُكْمُهَا، وَإِذَا انْحَلَّتِ الْيَمِينُ لَمْ تَعُدْ إِلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، ثم يدخل الدَّارَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، فَيَكُونُ عَقْدُ الْيَمِينِ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَوُجُودُ الْحِنْثِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَ النِّكَاحَيْنِ حِنْثٌ، فَالْحِنْثُ مُعْتَبَرٌ بِصِفَةِ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ عَادَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْقَدِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْجَدِيدِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا لَمْ تَعُدِ الْيَمِينُ عَلَى الْجَدِيدِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْقَدِيمِ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَصَارَ فِي حِنْثِهِ بِدُخُولِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الْيَمِينِ، وَالْحِنْثِ فِي زَمَانٍ يَمْلِكُ فِيهِ الطَّلَاقَ، فَاسْتَقَرَّ حُكْمُ الْيَمِينِ فِي النِّكَاحَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ شَرْطُ الْحِنْثِ مَوْجُودًا، لِأَنَّهَا يَمِينٌ انْعَقَدَتْ قَبْلَ هَذَا النِّكَاحِ، فَارْتَفَعَتْ بِزَوَالِ مَا انْعَقَدَتْ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقٌ قَبْلَ مِلْكٍ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ فِي الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْعِتْقِ.

فَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إِنْ لَمْ أَضْرِبْكَ غَدًا، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَأْتِيَ غَدٌ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ ضَرَبَهُ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِهِ بَرَّ، وَلَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى غَرَبَتْ شَمْسُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ضَرْبِهِ حَنِثَ وَعُتِقَ عَلَيْهِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِنْ عَجَزَ على ضَرْبِهِ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَفِي حِنْثِهِ وَعِتْقِهِ قولان في حنث الناس وَالْمُكْرَهِ، فَإِنْ جَاءَ غَدٌ، فَلَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى فَاتَ ضَرْبُهُ إِمَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بِهَرَبِ الْعَبْدِ أَوْ بَيْعِهِ، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَفُوتَ الضَّرْبُ، وَقَدْ مَضَى مِنَ الْغَدِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِلضَّرْبِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا عِتْقَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَفُوتَ الضَّرْبُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْغَدِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِضَرْبٍ، فَيَحْنَثُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَفُوتَ الضَّرْبُ وَقَدْ مَضَى مِنَ الْغَدِ مَا يَتَّسِعُ لِلضَّرْبِ، فَفِي حِنْثِهِ وَعِتْقِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ ضَرْبِهِ بَعْدَ إمكانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>