قال الشافعي رضي الله عنه:" فإن أخذ من رَبُّ الْمَالِ الصِّنْفَ الْأَدْنَى كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أن يخرج الفضل فيعطيه أهل السهمان فإن وجد أحد الصنفين ولم يجد الآخر الذي وجد ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ أَفْضَلَ الْفَرْضَيْنِ من المال إذا اجتمعا فيه، فإن أخذا دونهما أو أقلهما دفعه لِلْمَسَاكِينِ فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْخُذَ عَنِ اجتهاد.
والثاني: عن غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَإِنْ أَخْذَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ فَقَدَ أجزأ رَبَّ الْمَالِ، لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَهَلْ عَلَيْهِ إخراج الفضل أم لا؟ على وجهين:
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الْفَضْلِ وَقَدْ أَجْزَأَهُ مَا أَدَّاهُ، لِأَنَّهُ لَوْ وجب عليه إخراج الفضل بعد أداء الغرض لاقتضى أن لا يقع المؤدي موقع الآخر، ولو لم يقع موقع الآخر لَوَجَبَ رَدُّهُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ دَلَّ عَلَى إِجْزَائِهِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ انْفَصَلَ عَنْ هَذَا بِأَنْ قَالَ: إِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ لأنه بعض ما وجب عليه، والمصدق إن أَخَذَ بَعْضَ الْوَاجِبِ كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي وَلَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ مَا أَخَذَ وَإِنْ كَانَ المصدق في الأصل قد أخذ ذلك من غير اجتهاد، فهل يجزي ذَلِكَ رَبَّ الْمَالِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: