للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَارِجَةِ وَلَيْسَ الطُّرُقُ النَّافِذَةُ حَائِلًا بَيْنَ بَعْضِهِمْ وبعض بل حكمها حكم غيرها مِنَ الْمَرْفُوعِ سَوَاءٌ

وَقَالَ أبو حنيفة: الطُّرُقُ النافذة حائلاً يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ خَطَأٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَنَسًا صَلَّى فِي بُيُوتِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف والمسجد طَرِيقٌ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ حَائِلًا يَمْنَعُ الِائْتِمَامَ لَمْ تَصِحَّ الْجُمَعُ فِي الصَّحْرَاءِ، لِأَنَّ جَمِيعَهَا طُرُقٌ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ لَوِ اتَّصَلَتْ فِي الصَّحْرَاءِ أَمْيَالًا جَازَ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ مَنْ قال إن الطريق حائل

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وكذلك الصحراء والسفينة والإمام في أخرى ولو أجزت أبعد من هذا أجزت أن يصلي على ميل ومذهب عطاء أن يصلي بصلاة الإمام من علمها ولا أقول بهذا (قال المزني) قد أجاز القرب في الإبل بلا تأقيت وهو عندي أولى لأن التأقيت لا يدرك إلا بخبر "

قال الماوردي: في أخرى أَمَّا الْمُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ وَجَوَازَ صَلَاتِهِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِصَلَاةِ إِمَامِهِ، أَوْ بِصَلَاةِ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ، وَكَانَ عَلَى قُرْبٍ وَاعْتِبَارُ الْقُرْبِ فِي أَوَاخِرِ الصُّفُوفِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ مِنْ مَوْقِفِهِ، فَأَمَّا الْمُصَلِّي فِي سَفِينَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ قَائِمًا، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ، أَوْ صِغَرِ السَّفِينَةِ صَلَّى كَيْفَ أَمْكَنَهُ، وَأَعَادَ إِذَا قَدَرَ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، كَالْمَرْبُوطِ عَلَى خَشَبَةٍ قَالَ: فَلَوْ غَرِقَتِ السَّفِينَةُ وَتَعَلَّقَ رَجُلٌ بِلَوْحٍ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ صَلَّى مُومِيًا، فَإِنِ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَلَّاهَا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَعَادَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُومِيًا إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يُعِيدُ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُومِيًا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَيُعِيدَ وَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى تَرْكِ الْقِبْلَةِ كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى الْإِيمَاءِ، أَنَّ غَيْرَ الْخَائِفِ قَدْ سَقَطَ فَرْضُهُ بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ الْمَرِيضُ، فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ ها هنا غير الْخَائِفِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ تَرْكِ الْقِبْلَةِ فَلَمْ تَصِحَّ هَا هُنَا

(فَصْلٌ)

: فَلَوْ أَرَادَ أَهْلُ السَّفِينَةِ أَنْ يَأْتَمُّوا بِأَحَدِهِمْ وَيُصَلُّوا جَمَاعَةً جَازَ، لِأَنَّ كُلَّ مَكَانٍ جَازَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ جَازَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَتِ السَّفِينَةُ ذات طبقتين علوا وَسُفْلٍ فَإِنْ صَلَّوْا جَمِيعًا فِي إِحْدَى الطَّبَقَتَيْنِ عُلُوٍّ أَوْ سُفْلٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعِهِمْ، وَإِنْ صَلَّى بَعْضُهُمْ فِي سُفْلِهَا وَإِمَامُ جَمِيعِهِمْ وَاحِدٌ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ مَنْفَذٌ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَعْلَمُ بَعْضُهُمْ بِصَلَاةِ بَعْضٍ، صَحَّتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مَنْفَذٌ يشاهد الأسفلون منه الأعلون أَوْ بَعْضَهُمْ، وَالْأَعْلَوْنَ مِنْهُ الْأَسْفَلِينَ أَوْ بَعْضَهُمْ، فَصَلَاةُ مَنْ فِي طَبَقَةِ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي عُلُوِّهَا صَحَّتْ صَلَاةُ أَهْلِ الْعُلُوِّ، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>