أحدهما: أن تَغْرِيبَ الزِّنَا مَا خَرَجَ عَنِ الْمَأْلُوفِ إِلَى النَّكَالِ وَهَذَا بِتَغْرِيبِ الْإِمَامِ أَخَصُّ.
وَالثَّانِي: لِاخْتِصَاصِ الْإِمَامِ بِنُفُوذِ الْأَمْرِ فِي بِلَادِ النَّفْيِ دُونَ السَّيِّدِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ بِهِ الْحُدُودَ فَهُوَ إِقْرَارُ عنده بما يوجب الحد فيحده بإقراره، وأما بسماع الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ إِنْكَارِهِ فَفِي جَوَازِ حَدِّهِ بِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُدَّهُ بِهَا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَاتِ مُخْتَصٌّ بأولى الولايات.
والثاني: أنه محتاج إلى اجتهاد في الجرح والتعديل لأنه رُبَّمَا تُوَجَّهَ إِلَى السَّيِّدِ فِيهِ تُهْمَةٌ فَاخْتَصَّ بمن ينتفي عنه التهمة مِنَ الْوُلَاةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُدَّهُ بِالْبَيِّنَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ مَنْ مَلَكَ حده بالإقرار ملك بالبينة كالحكام.
والثاني: أن السيد أبعد من التهمة في عبده لحفظ ملكه من الحكام فَكَانَ بِذَلِكَ أَحَقَّ، فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحُدَّهُ بِعِلْمِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى أَنْ لَا يَحْكُمَ فِيهَا بِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّهَا تدرأ بالشبهات.
الْقَوْلِ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
فَعَلَى هَذَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يحكم بعلمه فِي حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْحُدُودِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ اعْتِبَارًا بحقوق الآدميين.
والوجه الثاني: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهَا حُدُودٌ تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ.
وَأَمَّا السيد في حق عَبْدِهِ بِعِلْمِهِ فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ الْحَاكِمُ كَانَ السَّيِّدُ أَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ، وَإِنْ جُوِّزَ للحاكم كان في جوازه للسيد وجهان من اختلاف الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ حَدِّهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وبالصواب. .