فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، أُحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ صَارَ الرَّاهِنُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ أَحْبَلَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى.
فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ حَلَفَ صَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ أَحْبَلَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ نَافِذًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ الرَّاهِنُ فَهَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تُرَدُّ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ. فَعَلَى هَذَا إِذَا امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الرَّاهِنُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ أَحْبَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ ثَابِتٌ لَهَا فَجَازَ أَنْ تَحْلِفَ فِي حَقِّهَا. فَعَلَى هَذَا إِذَا حَلَفَتْ صَارَ الرَّاهِنُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ أَحْبَلَ بِإِذْنٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ نَافِذًا وَلَا ضمان عليه.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِوَطْئِهَا وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زَوْجٍ لَهَا وَادَّعَاهُ الرَّاهِنُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ له ولا يصدق المرتهن وفي الأصل ولا يمين عليه (قال المزني) أصل قول الشافعي أنه إن أعتقها أو أحبلها وهي رهن فسواء فإن كان موسرا أخذت منه القيمة وكانت رهنا مكانها أو قصاصا وإن كان معسرا لم يكن له إبطال الرهن بالعتق ولا بالإحبال وبيعت في الرهن فلما جعلها الشافعي أم ولد لأنه أحبلها بإذن المرتهن ولم تبع كأنه أحبلها وليست رهن فكذلك إذا كان موسرا لم تكن عليه قيمة لأنه أحبلها بإذن المرتهن فلا تباع كأنه أحبلها وليست برهن فتفهم ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: أَنْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِالْإِذْنِ فِي وَطْئِهَا عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لَوْ لَمْ يُنْكِرْهُ وَتَخْرُجْ أُمُّهُ مِنَ الرَّهْنِ وَذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ وَطِئَهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ وَأَنَّهُ مِنْهَا لَمْ تَلْتَقِطْهُ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّ بَيْنَ وَطْئِهِ وَوَضْعِهَا مُدَّةً يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا.
فَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنْكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا، أَوْ مِنْ زِنًا، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ هُوَ مِنِّي وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِي خَارِجَةٌ مِنَ الرَّهْنِ،