أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْجَهْلِ بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ تَشْبِيهًا بِمَا تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهُ لِتَقَارُبِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ بَنَى بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي الْبَاقِي على تفريق الصفقة فليس بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ مَا طَرَأَ مِنَ الْفَسَادِ بَعْدَ الْعَقْدِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ وَمَا ذَكَرْتُ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِمْضَائِهِ فَإِنْ أَمْضَاهُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِحِسَابِ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فُسِخَ فَهَذَا جُمْلَةُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ فُصُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ، فَإِنَّهُ اخْتَارَ مِنْ أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا بِالْعَقْدِ، وَتَقَضِّي الْخِيَارِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَى صِحَّتِهِ بِمَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ، قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ رَجُلًا لَوْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَالْعِتْقُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ فَلَوْلَا، أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا مَا عُتِقَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا، وَأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى إِبْقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ أَنَّ خِيَارَ المجلس يملك البايع فِيهِ فَسْخَ الْعَقْدِ، وَالْفَسْخُ قَدْ يَكُونُ فِعْلًا، وَقَوْلًا فَإِذَا أَعْتَقَهُ فِي خِيَارِهِ كَانَ فَسْخًا، فَيَصِيرُ عِتْقُهُ كَوُجُودِ الْفَسْخِ وَعَوْدِ الْمِلْكِ وَإِذَا أنفذ عِتْقُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ نُفُوذُهُ بِصِفَةٍ تَتَقَدَّمُ الْبَيْعَ أَوْلَى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بقاء الملك والله أعلم.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ مَلَكَ ثَمَرَةَ نخلٍ مِلْكًا صَحِيحًا قَبْلَ أن ترى فيه الصفرة أو الحمرة فالزكاة على مالكها الآخر يزكيها حين تزهي ".
قال الماوردي: وقد ذَكَرْنَا أَنَّ زَكَاةَ الثِّمَارِ تَجِبُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِذَا مَلَكَ ثَمَرَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِلْكًا صحيحاً، إما بأن ورثها أو استوجبها أو ابتاعها مع نخلها، ثم بدأ إصلاحها فِي مِلْكِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا دُونَ مَنْ كَانَتْ عَلَى مِلْكِهِ، لِأَنَّ مَا بِهِ وَجَبَتْ زَكَاتُهَا وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ كَانَ مَوْجُودًا فِي مِلْكِهِ فَلَوْ مَلَكَهَا بِبَيْعِ خِيَارٍ فَبَدَا صَلَاحُهَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ، أَوْ خِيَارِ الثَّلَاثِ كَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ قِيلَ: إِنِ الْمِلْكَ قَدِ انْتَقَلَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا بِالْعَقْدِ، وَتَقَضِّي الْخِيَارِ فَزَكَاتُهَا عَلَى البايع، وَإِنْ قِيلَ أَنَّهُ مَوْقُوفُ نُظِرَ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فزكاتها على البايع، فَلَوْ وَجَبَتْ زَكَاتُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إِنَّ الْمِلْكَ قَدِ انْتَقَلَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَفَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِي زَمَانِ الْخِيَارِ، وَعَادَتِ الثمرة بعد بدو صلاحها إلى البايع، فَفِي زَكَاتِهَا وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الزَّكَاةِ هَلْ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْعَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي إِذَا قِيلَ إِنَّهَا وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ وُجُوبًا مُنْبَرِمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute