للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَجَعَلَ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِتَعْلِيلِهِ وَاحْتِجَاجًا لِنَفْسِهِ فِي أَنَّهُ يَرِثُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَمَا يُورَثُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وجهين:

أحدهما: رد لاعتراضه.

وَالثَّانِي: فَسَادُ اسْتِدْلَالِهِ، فَأَمَّا رَدُّ اعْتِرَاضِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ نِصْفَهُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُورَثُ كَمَا لَا يَرِثُ فَعَلَى هَذَا يَسْلَمُ الِاسْتِدْلَالُ وَيَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ.

وَالثَّانِي: أن تعليل الشافعي كلما تَوَجَّهَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ الْوَارِثُ وَالْمَوْرُوثُ إِذَا مَنَعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا مَنَعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا كَالْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي قَطْعِ التَّوَارُثِ بِهِ قَطْعُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَعْنَى يَشْتَرِكُ فِيهِ الْوَارِثُ وَالْمَوْرُوثُ.

فَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْمَوْرُوثُ وَحْدَهُ فَلَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ وَهُوَ يُورَثُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مَنَعَهُ من الميراث خص بِهِ وَغَيْرُ مُتَعَدٍّ إِلَى وَارِثِهِ وَهَكَذَا الَّذِي نِصْفُهُ حُرٌّ قَدِ اخْتَصَّ بِالْمَعْنَى الْمَانِعِ دُونَ وَارِثِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا.

وَأَمَّا فَسَادُ اسْتِدْلَالِهِ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَرِثَ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَمَا يُورَثُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ فَهُوَ أَنَّ الْكَمَالَ يَجِبُ أن يكون مراعا فِي الْوَارِثِ دُونَ الْمَوْرُوثِ فَلِذَلِكَ جَعَلْنَاهُ مَوْرُوثًا لِأَنَّ وَارِثَهُ كَامِلٌ وَلَمْ نَجْعَلْهُ وَارِثًا لِأَنَّهُ ليس بكامل والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

(وقال) في المرأة إذا طلقها زَوْجُهَا ثَلَاثًا مَرِيضًا فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا تَرِثُهُ وَالْآخَرُ لَا تَرِثُهُ وَالَّذِي يَلْزَمُهُ أن لَا يورثها لأنه لا يرثها بإجماع لانقطاع النِّكَاحِ الَّذِي بِهِ يَتَوَارَثَانِ فَكَذَلِكَ لَا تَرِثُهُ كما لا يرثها لأن الناس عنده يَرِثُونَ مِنْ حَيْثُ يُورَثُونَ وَلَا يَرِثُونَ مِنْ حَيْثُ لَا يُورَثُونَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوْرَدَهَا الْمُزَنِيُّ فِي جُمْلَةِ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ وَهَذَا الْمَوْضِعُ يَقْتَضِي شَرْحَهَا وذكر ما تفرع عليها وَالِانْفِصَالَ عَنِ اعْتِرَاضِ الْمُزَنِيِّ بِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ في اعتراض بمن نصفه حر ونصفه مملوك وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى ضَرْبَيْنِ طَلَاقٌ فِي الصِّحَّةِ وَطَلَاقٌ فِي الْمَرَضِ فَأَمَّا الطَّلَاقُ فِي الصِّحَّةِ فَضَرْبَانِ بَائِنٌ وَرَجْعِيٌّ فَأَمَّا الْبَائِنُ فَلَا تَوَارُثَ فِيهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ دُونَ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا إِجْمَاعٌ.

وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَهُوَ دُونَ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ واعتدت عدة الوفاة وإن ماتت ورثها فإن كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ لَمْ يَتَوَارَثَا وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه تَرِثُهُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَيْسَ يَخْلُو قَوْلُهُمَا ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَجْعَلَ الْغُسْلَ مِنْ بَقَايَا الْعِدَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُمَا فِي الْعِدَّةِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ اسْتِبْرَاءٌ وَلَيْسَ الْغُسْلُ مِمَّا يَقَعُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِمَّا أن يجعلاه انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِانْقِضَاءِ الْحَيْضِ وَيُوجِبَا الْمِيرَاثَ مَعَ بقاء الغسل

<<  <  ج: ص:  >  >>