للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ كَالْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ، وَالنِّدِّ الْمَعْجُونِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِهِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن بيع الفرز وفي تراب المعادن، والصاغة أعظم الفرد لأن الْمَقْصُودَ مِنْهُ مَجْهُولٌ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَتُرَابِ الصَّاغَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالشَّعِيرِ فَإِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَمِثْلُهُ، إِذَا اخْتَلَطَتِ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ جَازَ بَيْعُهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَقْصُودٌ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ بَاعَ تُرَابَ مَعَادِنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَتُرَابَ مَعَادِنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ لَمْ يَجُزْ لِعِلَّتَيْنِ.

إِحْدَاهُمَا: خَوْفُ الربا.

والثانية: جهالة المعقود فَلَوْ بَاعَ تُرَابَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ، أَوْ تُرَابَ الذهب بالفضة لم يجز عندنا لجهالة العقود، وَجَازَ عِنْدَ أبي حنيفة لِزَوَالِ الرِّبَا.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وذهب بعض أهل ناحيتنا إلى أن في المعادن الزكاة وَغَيْرُهُمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَعَادِنَ ركازٌ فَفِيهَا الْخُمُسُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا يَجِبُ فِي الْمَعَادِنِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَصْحَابُنَا أقاويل للشافعي:

أحدها: فِيهَا رُبْعَ الْعُشْرِ كَالزَّكَاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، " وَالْإِمْلَاءِ " وَفِي كِتَابِ " الْأُمِّ ".

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: إِنَّ فِيهَا الْخُمُسَ كَالرِّكَازِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة وَأَحَدُ أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ إِنْ أُخِذَ بِمُؤْنَةٍ وَتَعَبٍ فَفِيهِ ربع العشر، وإن وجد نُدْرَةً مُجْتَمِعَةً أَوْ وُجِدَ فِي أَثَرِ سَيْلٍ فِي بَطْحَاءَ بِلَا مُؤْنَةٍ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَحَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ فَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْخُمُسَ اسْتَدَلَّ بِرِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرِّكَازُ فَقَالَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اللَّذَانِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضِ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَعَادِنَ رِكَازٌ وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " سُئِلَ عَنْ رجلٍ وَجَدَ كَنْزًا فِي قَرْيَةٍ خربةٍ فقال: إن وجده فِي قريةٍ مسكونةٍ أَوْ فِي سَبِيلِ مِيتَاءَ فعرفه،

<<  <  ج: ص:  >  >>