للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الَّذِي يُسْتَضَرُّ بِالْحِنْثِ فِيهِ فليتزم مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ، وَالْيَمِينُ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ قَدْ لَا يُسْتَضَرُّ بِالْحِنْثِ فِيهَا وَهُوَ أن يطأ بعد ربيع عَبْدِهِ أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَلْتَزِمُ بِالْحِنْثِ بِالْوَطْءِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَمَا لَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ لَمْ يَكُنْ مولياً وإن كان حالفاً لأنه قد يطأها فِي غَيْرِ تِلْكَ الدَّارِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَلَا يَحْنَثُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ كَانَتْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَكُونُ مُولِيًا إِذَا حَلَفَ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَيَكُونُ مُولِيًا إِذَا حَلَفَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِجَمِيعِ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نسائهم} فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ حَالِفٍ، وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ مُطْلَقًا كَانَ إِجْرَاؤُهُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ يَلْتَزِمُ بِالْحِنْثِ فِيهَا مَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مُولِيًا كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَا أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى الْمُولِي وَقَدْ يَكُونُ الضَّرَرُ فِي يَمِينِهِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مِنَ الضَّرَرِ مِنْ يَمِينِهِ بِاللَّهِ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِهِمَا مُولِيًا.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ فَعَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا يَكُونُ التَّفْرِيعُ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَتَقَ بِوَطْئِهَا، وَلَوْ قَالَ: فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ لَمْ يُعْتَقْ بِالْوَطْءِ وَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ عِتْقِهِ أَوْ كَفَّارَةٍ وَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ مولى، وَلَوْ قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ فَوَطِئَهَا طُلِّقَتْ زَيْنَبُ وَيَكُونُ مُولِيًا، وَلَوْ قَالَ؛ إِنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ طَلَاقُ زَيْنَبَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَطِئَهَا لَمْ تُطَلَّقْ زَيْنَبُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقُهَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ إِنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقِفَ دَارِي كَانَ مُولِيًا، وَلَوْ قَالَ فَدَارِي وَقْفٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بِخِلَافِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِوَطْئِهَا وَقْفًا وَيَصِيرُ الْعَبْدُ بِوَطْئِهَا حُرًّا وَلَوْ قَالَ إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى، فَإِنْ أَرَادَ بِالْحَرَامِ الطَّلَاقَ كَانَ مُولِيًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ كَانَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالتَّحْرِيمِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا تَجِبُ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ قِيلَ لَا تَجِبُ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: (وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَحَدِ أَسْمَاءِ الجماع التي هي صريحة وذلك قوله والله لا أنيكك ولا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول إن كانت عذراء والله لا أفتضك أو ما في مثل هذا المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>