للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَخِيهِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ عَدْلٍ آخَرَ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَا يَجُرُّ بِهَا نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ به عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا فَقُبِلَتْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ يُقْصَدُ بِهَا الْعِتْقُ فَلَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ الْآخَرُ مَعَ غَيْرِهِ صَارَتْ حِصَّةُ الْمُكَذِّبِ مُكَاتَبَةً وَكَمَلَتْ كِتَابَةُ جَمِيعِ الْعَبْدِ فَيُؤْخَذُ بِالْأَدَاءِ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُصَدِّقُ عَدْلًا، أَوْ كَانَ عَدْلًا فَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ شَاهِدًا حَلَفَ الْمُكَذِّبُ عَلَى حِصَّتِهِ وَرَقَّتْ.

فَصْلٌ

فَإِذَا صَارَ نِصْفُ الْعَبْدِ مُكَاتَبًا بِإِقْرَارِ الْمُصَدِّقِ، وَنَصِفُهُ مَرْقُوقًا بِيَمِينِ الْمُكَذِّبِ، مَلَكَ الْعَبْدُ نِصْفَ كَسْبِهِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَمَلَكَ الْمُكَذِّبُ نِصْفَ كَسْبِهِ بِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ رِقٍّ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ، ثم للمكذب والعبد ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ لِيَكْتَسِبَ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِيهِ، وَيَكْتَسِبَ لِلْمُكَذِّبِ يَوْمًا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِيهِ، فَهَذَا جَائِزٌ وَيَنْفَرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَسْبِ يَوْمِهِ وَالْتِزَامِ النَّفَقَةِ فِيهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْكَسْبِ وَالْتِزَامِ النَّفَقَةِ فَيَجُوزَ وَيَكُونَ النِّصْفُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ مَعَ الْتِزَامِ النِّصْفِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُكَذِّبِ مَعَ الْتِزَامِ النِّصْفِ مِنَ النَّفَقَةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدْعُوَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْمُهَايَأَةِ وَيَمْتَنِعَ الْآخَرُ مِنْهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُمْتَنِعِ، لِأَنَّ حَقَّهُ مُعَجَّلٌ فِي الْكَسْبِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَأْخِيرُهُ بِالْمُهَايَأَةِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَمْرُهُ فِي الْكَسْبِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ مُهَايَأَةٍ أَوِ اشْتِرَاكٍ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَيَعْتِقَ أَوْ يَعْجِزَ فَيَرِقَّ.

فَإِنْ عَجَزَ وَرَقَّ صَارَ جَمِيعُهُ مَرْقُوقًا، وَمَا أَخَذَهُ الْمُصَدِّقُ مِنْ أَدَائِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ بِهِ يَكُونُ مُخْتَصًّا بِهِ لَا حَقَّ فِيهِ لِأَخِيهِ الْمُكَذِّبِ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الْكَسْبِ مَا قَابَلَ حَقَّهُ، وَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ صَارَ نِصْفُهُ حُرًّا، وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُصَدِّقِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفِ الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا الْتَزَمَ فِعْلَ غَيْرِهِ فِيهِ فَصَارَ كَعَبْدٍ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ ابْنَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ عُتِقَتْ حِصَّةُ الْمُصَدِّقِ، وَلَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ حِصَّةُ الْمُكَذِّبِ ثُمَّ الْكَلَامُ بَعْدَ نُفُوذِ الْعِتْقِ فِي نِصْفِهِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْوَلَاءِ.

وَالثَّانِي: فِي الْمِيرَاثِ.

فَأَمَّا الْوَلَاءُ فِي النِّصْفِ الَّذِي انْعَتَقَ فَيَكُونُ لِلْأَبِ، لِأَنَّهُ عَتَقَ عَنْ كِتَابَتِهِ، وَهَلْ يَنْفَرِدُ، بِهِ الْمُصَدِّقُ، أَوْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>