للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ الْخِدْمَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلدَّعَةِ وَالتَّرْفِيهِ وَيُمْكِنُ تَحَمُّلُهُ وَيَقُومُ الْبَدَنُ بِتَحَمُّلِهِ فَجَرَى مَجْرَى الْمُدِّ الثَّانِي مِنَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْيَسَارِ وَلَا يُسْتَحَقُّ فِي الْإِعْسَارِ بِهِ خِيَارٌ، وَنَفَقَةُ نَفْسِهَا لَا يَقُومُ الْبَدَنُ بِعَدَمِهَا كَمُدِّ الْإِعْسَارِ الَّذِي تَسْتَحِقُّ بِهِ الْخِيَارَ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَ حُكْمُ الْإِعْسَارِ بِنَفَقَتِهَا دُونَ نَفَقَةِ خَادِمِهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتْ نَفَقَةُ خَادِمِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ سَوَاءٌ خَدَمَتْ نَفْسَهَا أَوِ اسْتَأْجَرَتْ خَادِمًا أَوْ أَنَفَقَتْ عَلَى خَادِمٍ لَهَا فَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِنَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأُجْرَتِهِ فَإِنْ بَاشَرَتْ هِيَ الْخِدْمَةَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ خَدَمَهَا لِلزَّوْجِ فِي مُدَّةِ إِعْسَارِهِ بِنَفَقَةِ خَادِمِهَا فَفِي رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ وَجْهَانِ: مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ وَجْهَيْ أَصْحَابِنَا هَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْقِطَ بِخِدْمَتِهِ لَهَا نَفَقَةَ خَادِمِهَا أَمْ لَا.

(الْقَوْلُ فِي الْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " ومن قال هذا لَزِمَهُ عِنْدِي إِذَا لَمْ يَجِدْ صَدَاقَهَا أَنْ يخيرها لأنه شبيه بنفقتها (قال المزني) رحمه الله قد قال ولو أعسر بالصداق ولم يعسر بالنفقة فاختارت المقام معه لم يكن لها فراقة لأنه لا ضرر على بدنها إذا أنفق عليها في استئخار صداقها (قال المزني) فهذا دليل على أن لا خيار لها فيه كالنفقة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي إِعْسَارِ الزوج بصداق زوجته كلاماً محتملاً قاله هاهنا وَفِي الْإِمْلَاءِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ لِأَجْلِهِ اخْتِلَافًا مُنْتَشِرًا جُمْلَتُهُ أَنْ يَتَخَرَّجَ فِي إِعْسَارِهِ بِصَدَاقِهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: لَهَا الْخِيَارُ فِي إِعْسَارِهِ بِصَدَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدِهِ كَالنَّفَقَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ أَقْوَى الْمَقْصُودَيْنِ لِاسْتِحْقَاقِهِ بِالْعَقْدِ فَإِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَضْعَفِهِمَا كَانَ ثُبُوتُهُ فِي الْأَقْوَى أَحَقَّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ لَا خِيَارَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِمُخَالَفَةِ الصَّدَاقِ النفقة من وجهين:

أحدهما: أن يضعها بَعْدَ الدُّخُولِ مُسْتَهْلَكٌ فَصَارَ كَاسْتِهْلَاكِ الْمَبِيعِ فِي الْفَلَسِ لَا خِيَارَ فِيهِ لِلْبَائِعِ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ صَدَاقُهَا بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ فَلَمْ يَكُنِ الْفَسْخُ فِيهِ إِلَّا ضَرَرًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِتَأَخُّرِ الصَّدَاقِ عَنْهَا ضَرَرٌ فِي بَدَنِهَا وَيَقُومُ بَدَنُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>