وروى [عاصم بن] حميد السكوني عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ "
وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَمْتَنِعُ مِنْ تَخْرِيجِ الْفَضِيلَةِ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ وَيَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ اعْتِبَارًا بِأَحْوَالِ النَّاسِ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ عَلَى تَأْخِيرِهَا، وَإِنَّ النَّوْمَ لَا يَغْلِبُهُ حَتَّى يَنَامَ عَنْهَا كَانَ تَأْخِيرُهَا أَفْضَلَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَثِقْ بِنَفْسِهِ عَلَى الصَّبْرِ لَهَا وَلَمْ يَأْمَنْ سِنَةَ النَّوْمِ عَلَيْهِ حَتَّى يَنَامَ عَنْهَا كَانَ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلَ لَهُ، وَيَجْعَلُ الْأَخْبَارَ الْمُتَعَارِضَةَ مَحْمُولَةً عَلَى هَذَا التَّحْرِيمِ لِيَصِحَّ اسْتِعْمَالُ جَمِيعِهَا
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: (فَالْعَفْوُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقَصِّرِينَ) فَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مُؤَخِّرَ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا مُقَصِّرٌ، وَلَيْسَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِأَصْحَابِنَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُقَصِّرٌ عَنْ ثَوَابِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا فِي الْفِعْلِ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُقَصِّرٌ لَوْلَا عَفْوُ اللَّهِ فِي إِبَاحَةِ التَّأْخِيرِ، - وَاللَّهُ أعلم -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute