للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلْأُمِّ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْكَسْبَ لِلْأُمِّ يُؤَدِّيهِ إِلَيْهَا، تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا.

وَالثَّالِثُ: يُوقَفُ مَهْرُ مِثْلِهَا إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْكَسْبَ مَوْقُوفٌ، فَعَلَى هَذَا فِي كَيْفِيَّةِ وَقْفِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُوقَفُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنَ السَّيِّدِ.

وَالثَّانِي: يُوقَفُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَهُوَ عَلَى الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ كُلِّهَا مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ هَذَا الْوَلَدِ إِذَا جُعِلَ تَبَعًا لِأُمِّهِ سَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ أَوْ سَقَطَ عَنْهُ، لِقُصُورِ مِلْكِهِ، وَلِمَصِيرِهِ فِي حُكْمِ أُمِّهِ.

فَأَمَّا ولد وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَدُ الْبَنَاتِ كَالْبَنَاتِ، وَوَلَدُ الْبَنِينَ كَالْأُمَّهَاتِ، وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ تَبَعٌ لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَوَلَدُ الِابْنِ تَبَعٌ لِأُمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُ الْبَنَاتِ كَالْبَنَاتِ، وَوَلَدُ الْبَنِينَ كالأمهات.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا طَائِعَةً فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرَانِ وَإِنْ أَكْرَهْهَا فَلَهَا مهر مثلها (قال المزني) ويعزر فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ، لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ خَارِجَةٌ عَنْ تَصَرُّفِهِ، وَمَالِكَةٌ لِتَصَرُّفِ نَفْسِهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ أُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرةَ، لِبَقَائِهَا عَلَى تَصَرُّفِ السَّيِّدِ، فَجَازَ لَهُ وَطْؤُهَا. فَإِنْ وَطِئَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ بَقَاءَ رِقِّهِ عَلَيْهَا مِنْ أَقْوَى الشُّبَهِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُمَا، سَوَاءٌ عَلِمَا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا، لَكِنْ إِنْ عَلِمَا بِالتَّحْرِيمِ عُزِّرَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا لَمْ يُعَزَّرَا، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَهُ الْآخَرُ عُزِّرَ الْعَالِمُ مِنْهُمَا دُونَ الْجَاهِلِ، وَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، لأنه قَدْ مَلَكَتْ بِالْكِتَابَةِ كَسْبَهَا، وَالْمَهْرُ كَسْبٌ فَيُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ وَيَتَقَاصَّا بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا، وَلَا يَتَقَاصَّا بِهِ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ.

فَإِنْ أَحْبَلَهَا كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا لَاحِقًا بِهِ، لِبَقَاءِ رِقِّهِ عَلَيْهَا، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا لِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ عُلُوقِهِ، لِأَنَّهُ ابْنُ أَمَتِهِ، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي كِتَابَتِهَا، وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِأَعْجَلِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَدَائِهَا أَوْ مَوْتِهِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْمُزَنِيُّ، فَحَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ: إِنْ أَكْرَهْهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَكَانَ دَلِيلُهُ: أَنَّهَا إِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا مهر فَفَرَّقَ الْمُزَنِيُّ فِي مَهْرِ الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُكْرَهَةِ وَالْمُطَاوِعَةِ.

وَحَكَى الرَّبِيعُ فِي كِتَابِ (الْأُمِّ) عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا طَائِعَةً أَوْ كارهة

<<  <  ج: ص:  >  >>