الْغَانِمِينَ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ ذُو قِيمَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَغْنُومًا كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ.
وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْحَشِيشِ، وَلِأَنَّهَا دَارٌ يُسْتَبَاحُ حَشِيشُهَا فَاسْتَبَاحَ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ مِنْ مُبَاحِهَا كَدَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ أَغْلَظُ حَظْرًا مِنْ دَارِ الشِّرْكِ فَكَانَ مَا اسْتُبِيحَ فِيهَا أَوْلَى أَنْ يُسْتَبَاحَ فِي دَارِ الشِّرْكِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ مَعَ انْتِقَاضِهِ بِالْحَشِيشِ أَنَّ مَعْنَى أَصْلِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَهَذَا غَيْرُ مَمْلُوكٍ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا مَعَادِنُ بِلَادِهِمْ: فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَهِيَ غَنِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوَاتٍ مُبَاحٍ فَهِيَ كَمَعَادِنِ مَوَاتِنَا، وَنُظِرَ مَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ ظَهَرَ بِعَمَلٍ تَقَدَّمَ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لَا يَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَإِنْ كَانَ كَامِنًا فَهُوَ مِلْكُهُ أَخَذَهُ.
وَأَمَّا الرِّكَازُ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوَاتٍ مُبَاحٍ أَوْ طَرِيقٍ سَابِلٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ طَابِعٌ قَرِيبُ الْعَهْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَابُهُ أَحْيَاءً فَهَذَا غَنِيمَةٌ لَا يَمْلِكُهَا وَاجِدُهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ طَابِعٌ قَدِيمٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَابُهُ أَحْيَاءً، فَهَذَا رِكَازٌ يَمْلِكُهُ وَاجِدُهُ، وَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ خُمْسِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا اسْتُشْكِلَ وَاحْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ غَنِيمَةً اعْتِبَارًا بِالدَّارِ.
وَالثَّانِي: يَكُونُ رِكَازًا اعْتِبَارًا بِالْمَالِ.
وَأَمَّا مَا وُجِدَ مِنْ عِدَّةِ الْمُحَارِبِينَ، وَآلَةِ الْقِتَالِ، مِنْ خِيَمٍ وَسِلَاحٍ فَعَلَى ثَلَاثَةٍ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَيَكُونُ غَنِيمَةً.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونَ لُقَطَةً.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَشْكُوكًا فِيهِ، فَيُنْظَرَ فَإِنْ وُجِدَ فِي مُعَسْكَرِ أَهْلِ الْحَرْبِ كَانَ غَنِيمَةً، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لُقَطَةً اعتبارا باليد.
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ فَإِنْ أُشْكِلَ بُلُوغُهُمْ فَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ طِفْلٍ وَمَنْ أَنْبَتَ فهو بالغ والإمام في البالغين بالخيار بين أن يقتلهم بلا قطع يد