للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ لَوْ سَلِمَ اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى الْجَارِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ اسْمَ الجوار يختص بالقريب، وَالشَّرِيكُ أَقْرَبُ مِنَ اللَّصِيقِ فَكَانَ أَحَقَّ بَاسِمِ الْجِوَارِ وَقَدْ أَطْلَقَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَةِ لِقُرْبِهَا فَسَمَّتْهَا جَارَةً. قَالَ الْأَعْشَى:

(أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَةْ ... وموموقةٌ مَا كُنْتِ فِينَا وَوَامِقَةْ)

(وَبِينِي فَإِنَّ الْبَيْنَ خيرٌ مِنَ الْعَصَا ... وَأَنْ لَا تَزَالِي فَوْقَ رَأْسِي بَارِقَةْ)

(أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَةْ ... كَذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ تَغْدُو وَطَارِقَةْ)

(حَبَسْتُكِ حَتَّى لَامَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ ... وَخِفْتُ بِأَنْ تَأْتِيَ لَدَيَّ بِبَائِقَةْ)

(وَذُوقِي فَتَى حيٍّ فَإِنِّي ذائقٌ ... فَتَاةً لحيٍّ مِثْلَ مَا أَنْتِ ذَائِقَةْ)

وَكَانَ السَّبَبُ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً كَرِهَهُ قَوْمُهَا وَأَخَذُوهُ بِالنُّزُولِ عَنْهَا فَلَمْ يَقْتَنِعُوا مِنْهُ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ فَلَمَّا طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ كَفُّوا عَنْهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ نَزَلَ الطَّلَاقُ مُوَافِقًا لِطَلَاقِ الْأَعْشَى.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الخلطة فالمعنى فيها الخوف من مؤونة الْقِسْمَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: بِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِي الْخِلْطَةِ تَخَوُّفًا مِنْ سُوءِ عِشْرَةِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ " فَهُوَ أَنَّ سُوءَ الْعِشْرَةِ مِمَّا يَجِبُ مَنْعُ السُّلْطَانِ مِنْهُ فَصَارَ مَقْدُورًا عَلَى دَفْعِهِ بِغَيْرِ الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الشُّفْعَةُ لِأَجْلِ مَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إِلَّا بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلا مؤونة الْقِسْمَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ عِنْدَ طلبها إلا بالشفعة.

[فصل]

: فإذا ثبت أن الشفعة واجبة بالخلطة دون الجواز فَالْكَلَامُ فِي الشُّفْعَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:

أَحَدُهَا: مَا تَجِبُ بِهِ الشُّفْعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>