للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرع يَتَقَدَّرُ بِهِ اللِّبَاسُ فَاعْتَبَرَنَا فِيهِ الْكِفَايَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ مُتَحَقِّقَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَاعْتَبَرْنَاهَا وَكِفَايَةُ الْقُوتِ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ وَلَا مُشَاهَدَةٍ لَمْ نَعْتَبِرْهَا.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ وَمِقْدَارِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا ثِيَابًا وَلَا يَدْفَعَ إِلَيْهَا ثَمَنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهَا لِلْكِسْوَةِ دُونَ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَ لَهَا مِنْهُ مَا احتاج إلى د خِيَاطَةٍ، فَإِنْ بَاعَتْهَا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَمَلَكَتِ الثَّمَنَ، وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَكْسُوَ نَفْسَهَا بِمَا شَاءَتْ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ الْمِصْرِيُّ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِهَا أَوْ مِلْكِ الزَّوْجِ. فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا. فَثَبَتَ أَنَّهَا لِلزَّوْجَةِ وَجَازَ لَهَا بَيْعُ مَا مَلَكَتْ وَاللَّهُ أعلم.

(كسوة خادم الزوجة)

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلِخَادِمِهَا كِرْبَاسٌ وَمَا أَشْبَهَهُ وَفِي الْبَلَدِ الْبَارِدِ أَقَلُّ مَا يَكْفِي الْبَرْدَ مِنْ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَقَطِيفَةٍ أَوْ لِحَافٍ يَكْفِي السَنَتَيْنِ وَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَخِمَارٍ أَوْ مَقْنَعَةٍ وَلِجَارِيَتِهَا جُبَّةُ صُوفٍ وَكِسَاءٌ تَلْتَحِفُهُ يُدْفِئُ مِثْلَهَا وَقَمِيصٌ وَمَقْنَعَةٌ وَخُفٌّ وَمَا لَا غِنَى بِهَا عَنْهُ وَيَفْرِضُ لَهَا فِي الصَّيْفِ قَمِيصًا وَمَلْحَفَةً وَمَقْنَعَةً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ خَادِمِهَا وَجَبَتْ كِسْوَتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَكِسْوَةُ الْعَبْدِ قَمِيصٌ وَمِنْدِيلٌ، وَفِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ، فَأَمَّا السَّرَاوِيلُ فَإِنْ كَانُوا فِي بَلَدٍ يَلْبَسُ عَبِيدُهُ السَّرَاوِيلَاتِ كَسَاهُ سَرَاوِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسُونَهُ سَقَطَ عَنْهُ وَإِنْ كَانُوا فِي بَلَدٍ يَأْتَزِرُونَ وَلَا يَتَقَمَّصُونَ كَالْبَحْرِ كَسَاهُ مِئْزَرًا وَسَقَطَ عَنْهُ الْقَمِيصُ، وَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ أَمَةً كَسَاهَا قَمِيصًا وَقِنَاعًا وَلَمْ يَقْتَصِرْ بِهَا عَلَى الْمِئْزَرِ وَحْدَهُ وَإِنْ أَلِفُوهُ لِأَنَّهُ يُبْدِي مِنْ جَسَدِهَا مَا تُغَضُّ عَنْهُ الْأَبْصَارُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَوْرَةً. وَتَحْتَاجُ الْأَمَةُ مَعَ ذَلِكَ إِلَى مِلْحَفَةٍ إِذَا خَرَجَتْ لِلْخِدْمَةِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا الزَّوْجَةُ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ.

فَأَمَّا الْخُفُّ في خروج الأمة، فَإِنْ كَانَ عَادَةُ الْبَلَدِ أَنْ تَتَخَفَّفَ إِمَاؤُهُ لَزِمَهُ خُفُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَخَفَّفُوا سَقَطَ عَنْهُ، وَبِمِثْلِهِ يُعْتَبَرُ حَالُ السَّرَاوِيلِ وَالْمِئْزَرِ، فَأَمَّا جِنْسُ الثِّيَابِ فَفِي النَّاسِ قَوْمٌ تَتَسَاوَى كِسْوَاتُهُمْ وَكِسْوَاتُ إِمَائِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ كَفُقَرَاءِ الْبَوَادِي وَسُكَّانِ الْفَلَوَاتِ فَيَكُونُ أَحْرَارُهُمْ وَعَبِيدُهُمْ فِي الْكِسْوَةِ سَوَاءً، وَالْأَغْلَبُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ أَنَّ كِسْوَاتِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ أَدْوَنُ مِنْ كِسْوَاتِ سَادَاتِهِمْ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْكَلَامُ، فَيَفْرِضُ لِخَادِمِ زَوْجَةِ الْمُوسِرِ أَدْوَنَ مِمَّا يَفْرِضُهُ لِزَوْجَةِ الْمُتَوَسِّطِ كَمَا كَانَ فِي الْقُوتِ أَدْوَنَ مِنْهَا، ويفرض

<<  <  ج: ص:  >  >>