رَهْنًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ أَقْضَاهُ أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ خَرَجَ نِصْفُهُ مِنَ الرَّهْنِ، وَلَوِ اسْتَعَارَ رَجُلٌ عَبْدَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَرَهَنَهُمَا عِنْدَ رَجُلٍ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْتَكَّ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَيَدْفَعَ نِصْفَ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَا لِمَالِكَيْنِ جَرَى عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْعَقْدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِأَنَّ الْعَبْدَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ ارْتِهَانُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا بِأَنَّ العبدين الاثنين فإن قضاه الراهن ما قضاه مجتمعا وافتكها معا فلا خيار له، وإن قَضَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَافْتَكَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: حَكَاهُمَا أَبُو حَامِدٍ فِي جَامِعِهِ.
أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ، لِبَقَاءِ وَثِيقَتِهِ فِي بَاقِي الْحَقِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ فَكَّهُمَا مَعًا خَيْرٌ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ فَكِّ أَحَدِهِمَا.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَاسْتَعَارَهُ رَجُلٌ لِرَهْنِهِ عِنْدَ رجل، وأقر بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَهُ عَلَى الْمِائَةِ، ثُمَّ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفُكَّ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا أَنَّ الْعَبْدَ لِرَجُلَيْنِ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَفُكَّ أَيَّ الْحِصَّتَيْنِ شَاءَ، بِأَنْ يَدْفَعَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَيَفُكَّ نِصْفَ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا فَإِنَّ الْعَبْدَ لِرَجُلَيْنِ فهل للراهن أن يفك إحدى الحصتين، قيل فِكَاكِ الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ نَصَّ عليهما في الرهن الكبير في الْجَدِيدِ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَفُكَّ جَمِيعَهُ، لِأَنَّهُ رَهْنٌ وَاحِدٌ، كَمَا لَوْ رَهَنَ عَبْدًا لِنَفْسِهِ بِمِائَةٍ ثُمَّ أَدَّى تِسْعِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفُكَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ: لَهُ أَنْ يَفُكَّ حِصَّتَهُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْعَبْدِ مِنَ الرَّهْنِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَمَا لَوِ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَمِنْ آخَرَ عَبْدًا جَازَ لَهُ أَنْ يَفُكَّ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَالرَّجُلَانِ، وَإِنْ كان في ملكيهما فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَأَحْكَامُهُمَا في البيع والرهن حكم مالكي العبدين المتفرقين، فَعَلَى هَذَا هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ البيع أم لا؟ على قولين. وكذا لو كان عبدين شريكين فاستعار أحد الشريكين حصة شريكه وَرَهَنَهَا مَعَ حِصَّتِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَفُكَّ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ عَلَى قولين.
[(فصل)]
ولو كان العبدان رَجُلَيْنِ فَأَذِنَا لِرَجُلٍ أَنْ يَرْهَنَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ بمائة فَرَهَنَهُ بِهَا، فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يُعْطِيَ خَمْسِينَ لِأَحَدِهِمَا وَيَفُكَّ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَيَفُكَّ رُبْعَ الْعَبْدِ أَمْ لَا؟ على قولين:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute