للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَكَذَا الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقِ، تُعْتَبَرُ فِيهِ هَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثُ فِي لَفْظِهِ وَمُعْتَقَدِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا تَلَفَّظَ مُسْلِمٌ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِرِدَّتِهِ، إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ قَالَهَا مُكْرَهًا، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُحْكَمْ بِرِدَّتِهِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ قَالَهَا مُخْتَارًا.

لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ - وَهُوَ يَخَافُ الْكُفْرَ وَيَأْمَنُ الْإِسْلَامَ - أَنَّهُ قَالَهَا عِيَاذًا وَاعْتِقَادًا.

وَالظَّاهِرُ مِنْهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ - وَهُوَ يَخَافُ الْإِسْلَامَ وَيَأْمَنُ الْكُفْرَ - أَنَّهُ قَالَهَا تَقِيَّةً وَاسْتِدْفَاعًا.

وَعَلَى هَذَا: لَوْ أَظْهَرَهَا وَمَاتَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهَا فَلَهُمْ مِيرَاثُهُ.

فَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ، أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَهُمْ مِيرَاثُهُ.

وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُمْ وَحُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَكَانَ مَالُهُ فَيْئًا، لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ وَأَكَلَ الْخِنْزِيرَ لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا إِلَّا بِاسْتِحْلَالِهِ دُونَ أَكْلِهِ، فَيُسْأَلُ عَنْهُ إِذَا أَكَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ إِذَا أَكَلَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ أَكْلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَقْرَبُ إِلَى اسْتِحْلَالِهِ مِنْ أَكْلِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ سُؤَالِهِ:

فَقَالَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ: أَكَلَهُ مُسْتَحِلًّا، فَهُوَ كَافِرٌ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَكَلَهُ غَيْرُ مُسْتَحِلٍّ، فَهُوَ مُسْلِمٌ.

فَلِمَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَكَلَهُ غَيْرُ مُسْتَحِلٍّ مِيرَاثُهُ مِنْهُ اسْتِصْحَابًا لِإِسْلَامِهِ.

فَأَمَّا مِيرَاثُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَكَلَهُ مُسْتَحِلًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ - إنَّهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا حَتَّى يُكْشَفَ عَنْ حَالِهِ، وَلَا يَسْقُطَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - حَكَاهُ الرَّبِيعُ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ - إنَّهُ يَسْقُطُ مِيرَاثُهُ مِنْهُ، وَلَا يُوقَفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>