للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي جَمِيعِ الدَّهْرِ وَدَلَّلْنَا عَلَيْهِ

فَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ فَغَيْرُ سُنَّةٍ فِي شيء من السنة إلى فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

وَقَالَ أبو حنيفة: الْقُنُوتُ سُنَّةٌ فِي الْوِتْرِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيٍّ وَقَالَ: صَلِّ بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَلَا تَقْنُتْ بِهِمْ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ، فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَشْرِ الثَّانِي؛ وَتَخَلَّفَ فِي مَنْزِلِهِ فِي الْعَشْرِ الثَّالِثِ فَقَالُوا أَبَقَ أُبَيُّ وَقَدَّمُوا مُعَاذًا فَصَلَّى بِهِمْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَقَنَتَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ عَلَى أَنَّ الْقُنُوتَ سُنَّةٌ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا غَيْرَ

فَأَمَّا رِوَايَتُهُمْ عَنْ أُبَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَنَتَ فِي الْوِتْرِ فَلَيْسَ بثابتٍ لِأَنَّ أُبَيًّا لَمْ يَكُنْ يَقْنُتُ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ

قَالَ الْمُزَنِيُّ: سَأَلْنَا الشَّافِعِيَّ أَكَانَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ فَقَالَ: لَا يُحْفَظُ عَنْهُ قَطُّ، وَحَسْبُكَ بِالشَّافِعِيِّ يَقُولُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ رُوِيَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةِ الشَّهْرِ حِينَ كَانَ يَقْنُتُ فِي سَائِرِ الصلوات ثم ترك

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَآخِرُ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَوَّلِهِ وَإِنْ جَزَّأَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا فَالْأَوْسَطُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقُومَهُ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَحَبَّ الْمُصَلِّي أَنْ يُجَزِّئَ لَيْلَهُ جُزْأَيْنِ أَحَدُهُمَا: لِنَوْمِهِ أَوْ لِشُغْلِهِ وَالْآخَرُ لِصَلَاتِهِ، فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَجْعَلَهُ لِصَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: ١٧] ؛ وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَامَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى أَنِ انْتَصَفَ اللَّيْلُ وَقَامَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى أَنْ جَاءَ بِلَالٌ " وَلِأَنَّهُ إِذَا قَدَّمَ نَوْمَهُ كَانَ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِجَسَدِهِ، وَأَخْلَى لِقَلْبِهِ، وَأَنْقَى لِرُوعِهِ، وَأَمْكَنَ لَهُ فِي عَادَتِهِ وَأَمَّا إِنِ اخْتَارَ أَنْ يُجَزِّئَ لَيْلَهُ أَثْلَاثًا فَيَجْعَلُ ثُلُثًا لِنَوْمِهِ وَثُلُثًا لِصَلَاتِهِ وَثُلُثًا لِنَظَرِهِ فِي أَمْرِهِ فَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَجْعَلَهُ لِصَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وَأَقْوَمُ قِيلا} [المزمل: ٦] يَعْنِي: نَاشِئَةَ مَا تَنْشَأُ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ الصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ الْبَهِيمِ يَعْنِي: الْأَسْوَدَ

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>