للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب تعجيل الصدقة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكَرًا فَجَاءَتْهُ إبلٌ مِنْ إبل الصدقة قال أبو رافع فأمرني أن أقضيه إياها (قال الشافعي) العلم يحيط أنه لَا يُقْضَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا وَقَدْ تَسَلَّفَ لِأَهْلِهَا مَا يقضيه من مالهم وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحالف بالله " فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ " وعن بعض أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه كان يحلف ويكفر ثم يحنث وعن ابن عمر أنه كان يبعث بصدقة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين (قال) فبهذا نأخذ (قال المزني) ونجعل في هذا الموضع ما هو أولى به أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تسلف صدقة العباس قبل حلولها.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

يَجُوزُ عِنْدَنَا تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَالْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ وَدَاوُدُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا جَمِيعًا.

وقال أبو حنيفة: يجب تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ دُونَ الزَّكَاةِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عبيد مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا زكاة على مالٍ حتى يحول عليه الْحَوْلُ " فَنَفَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَاسْمَهَا وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ مَنْفِيًّا لَمْ يَكُنِ الْإِجْزَاءُ وَاقِعًا قَالُوا: وَلِأَنَّهُ تَعْجِيلُ زَكَاةٍ قَبْلَ وُجُوبِهَا فَوَجَبَ أَنْ لا تجوز الزروع والثمار، لأنها عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ فِعْلُهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِعَدَدٍ وَأَمَدٍ، فَالْعَدَدُ النِّصَابُ، وَالْأَمَدُ الْحَوْلُ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَدَدِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَمَدِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَفْتَقِرُ إِلَى مَنْ تَجِبُ لَهُ وَإِلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يتعجلها من تَجِبَ لَهُ وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ غَنِيًّا وَيَنْتَظِرَ فَقْرَهُ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَجِّلَهَا مَنْ تجب عَلَيْهِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>