للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُصُولُ الْحَصَى فِي الْجَمْرَةِ بِرَمْيِهِ، فَلَوْ وَقَعَتْ فَوْقَ الْجَمْرَةِ ثُمَّ انْحَدَرَتْ بِنَفْسِهَا وَانْقَلَبَتْ حَتَّى حَصَلَتْ فِي الْجَمْرَةِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ، لِأَنَّ انْحِدَارَهَا عَنْ فِعْلِهِ، فَكَانَ حُصُولُهَا فِيهِ مَنْسُوبًا إِلَى رَمْيِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ، لِأَنَّ انْحِدَارَهَا مِنْ عُلُوٍّ لَيْسَ مِنْ حَمْوَةِ رَمْيِهِ وَلَا فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَإِطَارَةِ رِيحٍ أَوْ حَمْلٍ، قِيلَ: وَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْجَمْرَةِ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ وَانْحَدَرَتْ بِنَفْسِهَا حَتَّى وَقَعَتْ فِي الْجَمْرَةِ كَانَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. فَلَوْ رَمَى حَصَاةً دُونَ الْجَمْرَةِ، فَانْدَفَعَتِ الثَّانِيَةُ وَوَقَعَتْ فِي الْجَمْرَةِ وَاسْتَقَرَّتِ الْأُولَى دُونَ الْجَمْرَةِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ الثَّانِيَةَ فَتُحْسَبُ بِهَا وَلَا وَصَلَتِ الْأُوْلَى إِلَى الْجَمْرَةِ فَيُعْتَدُّ بِهَا، فَلَوْ رَمَى حَصَاةً فَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَقَعَتْ فِي الْجَمْرَةِ فَيَعْتَدُّ بِهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا مُجَاوِزَةً أَوْ مُقَصِّرَةً فَلَا يَعْتَدُّ بِهَا فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ لَا يُجْزِئُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ جَوَازَيْنِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالشَّكِّ مَا لَزِمَهُ بِالْيَقِينِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: حَكَاهُ عَنْهُ الزَّعْفَرَانِيُّ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُصُولُ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ، وَلَعَلَّهُ قال ذلك في القديم أنه حكاه عَنْ غَيْرِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا رَمَى الْحَصَاةَ وَكَانَ فِي الْجَمْرَةِ مَحْمَلٌ فَوَقَعَتْ فِيهِ أَوْ مَتَاعٌ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَقَعَ فِي مَكَانِ الْحَصَى، لِأَنَّ الْمَكَانَ مَقْصُودٌ بِالرَّمْيِ، وَلَوْ وقعت في الجمرة وأطارته الرِّيحُ أَجْزَأَهُ؛ لِاسْتِقْرَارِهَا بِالرَّمْيِ، وَإِنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِهِ كما لو أخذها بعد رمية أخرى فَرَمَى بِهَا، فَلَوْ وَقَعَتْ فِي الْجَمْرَةِ ثُمَّ ازْدَلَفَتْ بِحَمْوَتِهَا حَتَّى سَقَطَتْ وَرَاءَ الْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُهَا فِي الْجَمْرَةِ بِرَمْيِهِ دُونَ اسْتِقْرَارِهَا فِيهِ، أَلَا تَرَى لَوْ وَقَعَتْ فِي الْجَمْرَةِ فَأَطَارَتْهَا الرِّيحُ أَجْزَأَتْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ بِانْتِهَاءِ الرَّمْيِ خَارِجَ الْجَمْرَةِ، فَلَوْ أَخَذَ الْحَصَى بِيَدِهِ ولم يرمه ولكن مشير إِلَى الْجَمْرَةِ فَوَضَعَهَا فِيهَا وَضْعًا لَمْ يُجْزِهِ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْحَصَاةَ بِرِجْلِهِ وَكَسَحَهُ حَتَّى حَصَلَ فِي مَوْضِعِهِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَمْيَ الْحَصَى فِيهِ؛ وَكَذَا لَوْ رَمَاهُ عَنْ قوس لم يجزه.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِذَا أَصْبَحَ صَلَى الصُّبْحَ فِي أُوَلِ وَقْتِهَا ثُمَّ يَقِفُ عَلَى قزحٍ حَتَّى يُسْفِرَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ يَدْفَعُ إِلَى مِنًى فَإِذَا صَارَ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَدْرَ رَمْيَةِ حجرٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا بَاتَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مَعَهُ بِمُزْدَلِفَةَ صَلَّى الصُّبْحَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا، إِلَّا صَلَاةَ الصُبْحِ بِجَمْعٍ " يَعْنِي قَبْلَ وَقْتِهَا الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهَا فِيهِ من قبل؛

<<  <  ج: ص:  >  >>