عَنِ الْوَلَدِ جَمِيعُ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْقِرَابَاتِ، لِأَنَّ أَبَوَيْهِ أَصْلٌ لِمَنْ عَلَا مِنْ قِرَابَاتِهِ. وهو أصلاً لِمَنْ نَزَلَ عَنْهُ مِنْ قِرَابَاتِهِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَحَضَانَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمْ يَتَقَدَّمُ بِهَا مِنْهُمْ أَقْوَاهُمْ سَبَبًا فِيهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْحَضَانَةِ قَرَابَاتُ الْمَوْلُودِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أن يكونوا نساء لا رجلاً فِيهِمْ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا رِجِالًا لَا امْرَأَةَ فِيهِمْ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونُوا رِجِالًا وَنِسَاءً.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَسْطُورُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونُوا نِسَاءً لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ فَيَخْرُجَ مِنْهُنَّ مَنْ لَا حَضَانَةَ لَهَا، وَهِيَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا لِنَقْصٍ كَإِخْلَالِهَا بِأَحَدِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ لِرِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ بُعْدِ وَطَنٍ أَوْ تَزْوِيجٍ بِأَجْنَبِيِّ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا لِضَعْفِ قَرَابَتِهَا، وَهِيَ كُلُّ مُدْلِيَةٍ بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ كَأُمَّ ابْنِ الْأُمِّ، وَبِنْتِ الْخَالِ وَبِنْتِ ابْنِ الْأُخْتِ فَلَا حَضَانَةَ لَهُنَّ لِإِدْلَائِهِنَّ بِذَكَرٍ قَدْ فَقَدَ آلَةَ التَّرْبِيَةِ مِنَ الْأُنُوثِيَّةِ، وَعَدَمِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ لِسُقُوطِ الْمِيرَاثِ، فَلِذَلِكَ سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْمُدْلِينَ بِهِ، فَأَمَّا مَنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهُنَّ لِلنَّقْصِ، فَلَا حَضَانَةَ لَهَا من مُسْتَحِقِّ الْحَضَانَةِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا مَنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا لِضَعْفِ قَرَابَتِهَا فَلَا حَضَانَةَ لَهَا مَعَ وُجُودِ مُسْتَحِقِّهَا، وَفِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْحَضَانَةِ مَعَ عَدَمِ مُسْتَحِقِّهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْقُرْبَى، وَإِنْ ضَعُفَتْ، لِأَنَّ ضَعْفَهَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مَعَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، وَلَا يُسْقِطُهَا مَعَ مَنْ عُدِمَ قَرَابَتَهَا، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهَا إِلَى الْأَجَانِبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، وَإِنْ عُدِمَ جَمِيعُ الْقِرَابَاتِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا مُثْبِتٌ لِاسْتِحْقَاقٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَجَانِبِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ، كَمَا نُقَدِّمُ الْمُرْضِعَةَ وَالْجَارَةَ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَدَّى اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ إِلَى الْعُدُولِ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأَجَانِبِ جَازَ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا مستحقات الحضانة فهو من الصفين الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الْقِرَابَاتِ، فَيَتَقَدَّمْنَ فِيهَا بِقُوَّةِ النَّسَبِ.
وَقُوَّةُ النَّسَبِ شَيْئَانِ: