للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالنَّفْرِ كَمَا يَرْمِي رَاكِبًا يَوْمَ النَّحْرِ لِأَنَّهُ يَصِلُ رَمْيَهُ بِالْإِفَاضَةِ بِالطَّوَافِ وَيَرْمِي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ نَازِلًا لِأَنَّهُ مُقِيمٌ بِمِنًى وَكَيْفَ رَمَى أَجْزَأَهُ وَأَيُّ وَقْتٍ نَفَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْغَدِ وَيَكُونُ قَدْ رمى تسعة وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً سَبْعَةً فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، يَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ يَوْمَ الثَّانِيَ عَشَرَ وَذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَرْمِيهِ الْحَاجُّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ حَصَى الْجِمَارِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَإِنْ شَاءَ أَلْقَاهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَنَهُ فَلَيْسَ فِي دَفْنِهِ نُسُكٌ وَلَا فِي إِلْقَائِهِ كَرَاهَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَجَّلِ النَّفْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَالرَّمْيُ مِنَ الْغَدِ فِي الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً لِيُكْمِلَ رَمْيَهُ سَبْعِينَ حَصَاةً وَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يَرْمِيهِ الْحَاجُّ وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ النَّفْرَ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة: لِأَنَّ اللَّيْلَ يَتْبَعُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحَجِّ كَلَيْلَةِ عَرَفَةَ وَلَا يَتْبَعُ مَا بَعْدَهَا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّعْجِيلَ يَتَعَلَّقُ بِالْيَوْمِ وَخُرُوجُ الْيَوْمِ مُعْتَبَرٌ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مُعْتَبَرًا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ النَّفْرَ نَفْرَانِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَا بَعْدَ النَّفْرِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ ثَبَتَ أَنَّ مَا بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لَيْلَةِ عَرَفَةَ فَلَيْسَتْ تَبَعًا وَإِنَّمَا هِيَ وَيَوْمُ عَرَفَةَ فيه سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ وَقْتَ التَّعْجِيلِ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ فَلَوْ رَكِبَ بِمِنًى وَسَارَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُدُودِ مِنًى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالرَّمْيُ فِي الْغَدِ، لِأَنَّ النَّفْرَ مِنْهَا لَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بِمُفَارَقَتِهَا، فَلَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدِ اسْتَقَرَّ حُكْمُ النَّفْرِ وَسَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْغَدِ سَوَاءٌ عَادَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَوْ فَارَقَهَا مُتَعَجِّلًا لِلنَّفْرِ مِنْهَا ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُدْرِكَ رَمْيَ الْجِمَارِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إِلَى مِنًى وَرَمْيُ مَا تَرَكَ مِنَ الْحَصَى لِوُجُوبِ الرَّمْيِ وَبَقَاءِ الْوَقْتِ ثُمَّ يَنْفِرُ مِنْهَا إِنْ لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ وَهُوَ بِهَا فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالرَّمْيُ مِنَ الْغَدِ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إِلَى مِنًى لِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَقَدِ اسْتَقَرَّتِ الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهِ.

وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ حُكْمَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَمْ يُعِدِ الرَّمْيَ لِخُرُوجِ وَقْتِهِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ أَيَّامَ مِنًى كُلَّهَا زَمَانٌ لِلرَّمْيِ وَأَنَّ حُكْمَ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الْعَوْدُ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ مَا تَرَكَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا نُزُولُ الْمُحَصَّبِ بَعْدَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى فَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَلَا سُنَّةٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْزِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>