أَحَدُهُمَا: جَائِزٌ لِتَسَاوِي الْعِوَضَيْنِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ. لِلتَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.
فَصْلٌ:
وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا. لَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ مَعَ آخَرَ مِنْ جَوْهَرٍ أَوْ لُؤْلُؤٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِذَهَبٍ، لِحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ الذَّهَبُ الَّذِي مَعَ الْجَوْهَرِ أَقَلَّ مِنَ الذَّهَبِ الَّذِي هو الثمن جاز ليكون الفاضل من الذهب الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجَوْهَرِ.
وَإِنْ كَانَا مِثْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ الذَّهَبُ الَّذِي مَعَ الْجَوْهَرِ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَنِ جَازَ. وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا لَمْ يَجُزْ. وفيما ذكرنا دليل كاف.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الدَّرَاهِمَ مِنَ الصَّرَّافِ وَيَبِيعَهَا مِنْهُ إِذَا قَبَضَهَا بأقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ عَادَةً وَغَيْرَ عَادَةٍ سَوَاءٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا اشْتَرَى مِنْ صَيْرَفِيٍّ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا وَقَبَضَ الدِّينَارَ وَتَمَّ الصَّرْفُ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الدِّينَارَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا غُلَّةً كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. سَوَاءٌ جَرَتْ لَهُ بِذَلِكَ عَادَةٌ أَمْ لَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ جَرَتْ لَهُ بِذَلِكَ عَادَةٌ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ حَرَامًا لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ كَالشَّرْطِ الْمَلْفُوظِ بِهِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لَفْظًا كَانَ رِبًا حَرَامًا. كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُعْتَادًا. قَالَ: وَلِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ يُضَارِعُ الرِّبَا الْحَرَامَ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَبِيعَ عَشَرَةً صِحَاحًا بِعِشْرِينَ غُلَّةً، وَمَا ضَارَعَ الْحَرَامَ كَانَ حَرَامًا.
وَهَذَا خَطَأٌ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ عُبَادَةُ أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: وَلَكِنْ بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ وَالْوَرِقَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ. وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَادَةٍ وَغَيْرِ عَادَةٍ.
وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الْفِعْلِ مِنْ أَنْ يَكُونَ رِبًا أَوْ غَيْرَ رِبًا. فَإِنْ كَانَ رِبًا لَمْ يَجُزْ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبًا جَازَ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِائَةَ مَرَّةٍ. فَلَمَّا جَازَ أَوَّلَ مَرَّةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرِبًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ مِائَةَ مَرَّةٍ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْعَادَةَ تَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ اعْتِبَارًا بِغَالِبِ النَّقْدِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَادَةَ الْبَلَدِ تَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ وَلَيْسَ عَادَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالشَّرْطِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَادَةَ فِي صِفَاتِ الْعَقْدِ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْطِ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا عقد نكاحا