لِاسْتِحْكَامِهِ وَبَقَائِهِ وَتَنْشِيفِ فُضُولِهِ الَّتِي تُسْرِعُ فِي فَسَادِهِ، وَلِأَنَّ تَطَيُّبَ النَّفْسِ بِاسْتِعْمَالِهِ لِطِيبِ رَائِحَتِهِ.
[مسألة]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَا أَكْرَهُ مِنَ الْآنِيَةِ إِلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَمَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كما قال الأواني ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ.
وَالثَّانِي: مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَثْمَانِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ فَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاسْتِعْمَالُهَا حَرَامٌ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وغيره.
وَقَالَ دُوَادُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّمَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الشُّرْبِ وَحْدَهُ دُونَ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ ". فَلَمَّا خَصَّ الشُّرْبَ بِالذِّكْرِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالتَّحْرِيمِ.
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ اسْتَسْقَى مِنْ دِهْقَانٍ بِالْمَدَائِنِ مَاءً فَسَقَاهُ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَحَذَفَهُ ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ نُهِيتُهُ أَنْ تَسْقِيَنِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فِينَا خَطِيبًا فَقَالَ: لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَلْبِسُوا الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ ".
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نَهَى عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ " وَهَذَا نَصٌّ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنِ الْأَكْلِ وَدَاوُدُ يُجِيزُهُ، وَلِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute