للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَوَدُ مُسْتَحَقٌّ بِالْإِقْرَارِ وَمُسْتَحَقٌّ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْأَيْمَانِ عِنْدَ رَدِّهَا عَلَيْهِ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِنْكَارِهِ الْمُتَقَدِّمِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الدَّمِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا اللَّوْثُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، مِنْ تَغْلِيظِ النَّفْسِ عَلَى مَا دُونَهَا، فَيَسْقُطُ الِابْتِدَاءُ فِيهَا بِيَمِينِ الْمُدَّعِي فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ وَتَغْلِيظُهَا بِالْعَدَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَغْلِيظِهَا فِي دَعْوَى النَّفْسِ عِنْدَ عَدَمِ اللَّوْثِ فَإِنْ قِيلَ: لَا تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ فِي النَّفْسِ إِذَا عُدِمَ اللَّوْثُ فَأَوْلَى أَلَّا تُغَلَّظَ بِالْعَدَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَغْلَظُ وَإِنْ قِيلَ بِتَغْلِيظِهَا فِي النَّفْسِ عِنْدَ عَدَمِ اللَّوْثِ فَفِي تَغْلِيظِهَا بِالْعَدَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ وَإِنْ غُلِّظَتْ بِهِ فِي النَّفْسِ لِاخْتِصَاصِ النَّفْسِ بِعَظَمِ الْحُرْمَةِ وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.

فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّعْوَى فِيمَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ كَالْيَدَيْنِ أَوْ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ بَعْضُهَا كَالْمُوضِحَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تُغَلَّظُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِالْعَدَدِ، كَمَا تُغَلَّظُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى حُكْمُ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ تَغْلِيظًا لِحُكْمِ الدِّمَاءِ اسْتَوَيَا فِي التَّغْلِيظِ بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ - فَعَلَى هَذَا لَا يَخْلُو حَالُ الدَّعْوَى فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكْمُلَ فِيهَا الدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ جَبِّ الذَّكَرِ أَوْ قَطْعِ اللِّسَانِ فَتُغَلَّظُ الْأَيْمَانُ فِيهِ بِخَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّهُ لَمَّا سَاوَى النَّفْسَ فِي الدِّيَةِ سَاوَاهَا فِي عَدَدِ الْأَيْمَانِ فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا.

وَالثَّانِي: إِنَّهَا مُقَسَّطَةٌ بَيْنَهُمْ عَلَى أَعْدَادِهِمْ. فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ أَيْمَانٍ، فَيَصِيرُ فِيمَا يَحْلِفُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: خَمْسُونَ يَمِينًا.

وَالثَّانِي: عَشَرَةُ أَيْمَانٍ.

وَالثَّالِثُ: يَمِينٌ وَاحِدَةٌ.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالدَّعْوَى بَعْضَ الدِّيَةِ. كَإِحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ كَالْمُوضِحَةِ فَفِيمَا تُغَلَّظُ مِنَ الْعَدَدِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>