للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والخيار فيها إِلَى الْوَارِثِ لِاشْتِرَاكِ الِاسْمِ فِي جَمِيعِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَتَرَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ يُسَمَّى قَوْسًا بِغَيْرِ وَتَرٍ.

وَهَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بدابة: لم يعط سَرْجَهَا، أَوْ عَبْدٍ: لَمْ يُعْطَ كُسْوَتَهُ.

فَأَمَّا إن قال: أعطوه قوسا من قسي، وَلَهُ قَوْسُ نَدَّافٍ، وَقَوْسُ جُلَاهِقٍ: أُعْطِيَ قَوْسَ الجلاهق التي يرمى عنها، لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِالِاسْمِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا قَوْسُ نَدَّافٍ: دُفِعَ إِلَيْهِ.

وَلَوِ اقْتَرَنَ بكلامه ما يدل على مراده: عمل مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ مِنَ الْقِسِيِّ الثَّلَاثِ. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وتجعل وصيته في الرقاب فِي الْمُكَاتَبِينَ وَلَا يُبْتَدَأُ مِنْهُ عِتْقٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي الرِّقَابِ، صُرِفَ فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة.

وَقَالَ مَالِكٌ: يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ يُعْتَقُونَ.

وَأَصْلُ هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي سَهْمِ الرِّقَابِ فِي الزَّكَاةِ، هَلْ يَنْصَرِفُ فِي الْعِتْقِ أَوْ فِي الْمُكَاتَبِينَ.

فَمَالِكٌ يَقُولُ: يَصْرِفُهُ فِي الْعِتْقِ.

وَالشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة يَصْرِفَانِهِ فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] . فأثبت ذلك لهم بلام الملك، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ فَيُصْرَفُ إِلَيْهِ، وَالْمَكَاتَبُ يَمْلِكُ فَوَجَبَ صَرْفُهُ إِلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي ذَوِي الْحَاجَاتِ، وَلِأَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ مَصْرُوفٌ لِغَيْرِ نَفْعٍ عاجل يَعُودُ إِلَى رَبِّهِ فَلَوْ صُرِفَ فِي الْعِتْقِ لَعَادَ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ سهم الرقاب في الزكاة يصرف إلى المكاتبين.

وجب أن يكون سهام الرقاب في الوصية مَصْرُوفًا فِي الْمُكَاتَبِينَ، لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ محمولة على عرف الشرع المعتبر فيه.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَجُوزُ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثِ رِقَابٍ فإن نقص ضمن حصة مَنْ تَرَكَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يتصرف سهم الرقاب في أقل من ثلاث.

وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَانَ حَسَنًا. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مَعَ وُجُودِ الزِّيَادَةِ أَجْزَأَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>