للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ مَا قَابَلَ الْوَلَدَ إِذَا كَانَ مَعَ أُمِّهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا دَفَعْتُمْ إِلَى الْبَائِعِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأُمِّ مُفْرَدَةً غَيْرَ ذَاتِ وَلَدٍ كَمَا دَفَعْتُمْ إِلَى مُرْتَهِنِ الْأَرْضِ إِذَا غَرَسَهَا الرَّاهِنُ بَعْدَ الرَّهْنِ نَخْلًا وَبِيعَا مَعًا ثَمَنَ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ لَا نَخْلَ فِيهَا؟ . قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِغَرْسِ النَّخْلِ فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ دَفَعَ ضَرُورَةَ تَعَدِّيهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَ أَرْضٍ بَيْضَاءَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنَ المشتري تعد في إيلاد الْجَارِيَةِ لَمْ يَكُنْ دَفْعُ الضَّرُورَةِ عَنِ الْبَائِعِ بِأَوْلَى مِنْ دَفْعِهَا عَنِ الْمُشْتَرِي.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَقْتَ الْبَيْعِ حَائِلًا وَقْتَ الْفَلَسِ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ تَبَعًا رَجَعَ بِالْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لَا يَكُونُ تَبَعًا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْحَمْلَ يَأْخُذُ مِنَ الثَّمَنِ قِسْطًا لَمْ يَخْلُ حَالُ الْوَلَدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا، أَوْ تَالِفًا فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ بَاقِيًا رَجَعَ الْبَائِعُ بِالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا وَإِنْ كَانَ تَالِفًا رَجَعَ بِالْأُمِّ وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمَا قَابَلَ الْوَلَدَ حَمْلًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ حِينَ أُقْبِضَ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَكْثَرُ ثَمَنًا وَكَثْرَةُ ثَمَنِهِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَوَّمَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ فَتُقَوَّمُ الْأُمُّ حَامِلًا وَقْتَ الْقَبْضِ وَحَائِلًا وَيُنْظَرُ مَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ الَّذِي يُقَابِلُ ثَمَنَ الْحَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْعُشْرَ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْخُمْسَ ضَرَبَ بِخُمْسِ الثَّمَنِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ حَائِلًا وَقْتَ الْبَيْعِ حَامِلًا وَقْتَ الْفَلَسِ. فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ تَبَعًا رَجَعَ الْبَائِعُ بِالْأُمِّ حَامِلًا وَلَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِي حَمْلِهَا. وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْحَمْلَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ وَكَانَ الْحَمْلُ لِلْمُشْتَرِي الْمُفْلِسِ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ حَامِلًا لِحَقِّ الْمُفْلِسِ فِي الْحَمْلِ وَلَا يَلْزَمُ إِقْرَارُهَا فِي يَدِ الْمُفْلِسِ أَوْ غُرَمَائِهِ لِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الْأُمِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْبَائِعِ قِيمَةُ الْحَمْلِ، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ دُونَ أُمِّهِ وَتُوضَعُ الْأَمَةُ الْحَامِلُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَإِنِ اخْتَلَفَا اخْتَارَ الْحَاكِمُ لَهُمَا عَدْلًا وَنَفَقَتُهَا عَلَى الْبَائِعِ مَالِكِ الْأُمِّ دُونَ الْمُفْلِسِ مَالِكِ الْحَمْلِ سَوَاءٌ قُلْنَا إِنَّ نَفَقَةَ الْحَامِلِ تَجِبُ لَهَا أَوْ لِحَمْلِهَا، لِأَنَّهَا نَفَقَةٌ تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَاخْتَصَّتْ بِالْمِلْكِ الظَّاهِرِ الْمُتَحَقِّقِ.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ بَاعَهُ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ فَلَمْ تُؤَبَّرْ حَتَّى أَفْلَسَ فَلَمْ يَخْتَرِ الْبَائِعُ حَتَّى أُبِّرَتْ كَانَ لَهُ النَّخْلُ دُونَ الثَّمْرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَيْنَ مَالِهِ إِلَّا بِالتَّفْلِيسِ وَالِاخْتِيَارِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَالْجَوَابُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَحَرْمَلَةَ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا أَفْلَسَ وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ كَانَتْ لِلْبَائِعِ إِذَا رَجَعَ بِالنَّخْلِ فَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: أَنَّهَا لِلْمُفْلِسِ فَلَا مَعْنَى لِتَفْرِيعِهَا فَإِذَا فَلَسَ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ فَتَأخير اخْتِيَارُ الْبَائِعِ عَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>