للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُنَّ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الصَّدَاقَ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَهْرُ مِثْلِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ جَائِزٌ وَتُقَسَّطُ الْأَلْفُ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَيُخَرَّجُ بَيْعُ الْعَبْدَيْنِ بِالثَّمَنِ الْوَاحِدِ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالصَّدَاقِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَيْعَ فِيهَا بَاطِلٌ لِلْجَهْلِ بِثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَيُقَسَّطُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَصِيرُ معلوما بعد الْعَقْدِ وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يُبْطِلُ بَيْعَ الْعَبْدَيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِالثَّمَنِ الْوَاحِدِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ لِلصَّدَاقِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّدَاقَ بَيْعٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِلِاجْتِمَاعِ تَأْثِيرٌ فِي فَسَادِهِ فَكَانَ الصَّدَاقُ بِمَثَابَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْجَهَالَةُ بِهِ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ فَإِذَا قِيلَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ كَانَتِ الْأَلْفُ مُقَسَّطَةً عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ فِي الْعَقْدِ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا فَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعَيْنِ فِي الْأَلْفِ بِالْقِسْطِ مِنْ قِيمَةِ عَبْدِهِ وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ فَإِنْ صدق المشتري على ذلك أو قامت به بَيِّنَةٌ اسْتَرْجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدَهُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الْعَبْدَيْنِ إِلَّا لِمَنْ بَاعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَبِيعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَإِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْبَيْعُ فِي الظَّاهِرِ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ فَاسِدًا ثُمَّ قَدْ أُحِيلَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِكَيْنِ وَبَيْنَ عَبْدِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْأَلْفُ بِإِزَاءِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ اقْتَسَمَاهَا عَلَى الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ مُقَسَّطَةٌ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ حَقٌّ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي اسْتِرْجَاعُهَا لِاعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِ الْعَبْدَيْنِ وَلَكِنْ تُقَدَّرُ فِي يَدِ الْبَائِعَيْنِ وتدفع إِلَى الْحَاكِمِ لِيَحْفَظَهَا إِلَى أَنْ يَقَعَ التَّصَادُقُ أَوْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

(قال المزني) رضي الله عنه: " وَلَوِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ كَانَ مَا اشْتَرَى لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ وَلَوْ أَجَازَهُ شَرِيكُهُ مَا جَازَ لِأَنَّ شِرَاءَهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ".

قَالَ الماوردي: وهذا صحيح فقد ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّرِيكَ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ جَارٍ مَجْرَى الْوَكِيلِ وَالْغَبْنُ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَغَابَنُوا بِمِثْلِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي عَقْدِهِ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنْهُ مُتَعَذِّرٌ فَأَمَّا مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَغَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَكُلِّ نَائِبٍ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ وَصِيٍّ وَأَمِينٍ فَإِذَا اشْتَرَى الشَّرِيكُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ لَمْ يَخْلُ الشِّرَاءُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ الْمَالِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي ذِمَّتِهِ كَانَ لَازِمًا لَهُ دُونَ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِغَيْرِ الْمَالِ كَانَ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ بَاطِلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ مُوجِبِ الْإِذْنِ سَوَاءٌ أَجَازَهُ الشَّرِيكُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>