للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُرَّةَ لَا تَسْتَبْرِئُ نَفْسَهَا إِلَّا بِعِدَّةٍ، وَالْأَمَةُ قَدْ تَسْتَبْرِئُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ عِدَّةٍ فَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ حَالُ الْأَمَةِ وَلَا يَخْتَلِفَ حَالُ الْحُرَّةِ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ اعْتَدَّتْ بِحَيْضَةٍ ثُمَّ أَصَابَهَا الثَّانِي وَحَمَلَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا اعْتَدَّتْ بِالْحَمْلِ فَإِذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ نَكَحَهَا الْآخَرُ فهو من الأول وإن جاءت به لأكثر من أربع سنين من يوم فارقها الأول وكان طلاقه لا يملك فيه الرجعة فهو للآخر وإن كان يملك فيه الرجعة وتداعياه أو لم يتداعياه ولم ينكراه ولا واحداً منهما أريه القافة فإن ألحقوه بالأول فقد انقضت عدتها منه وتبتدئ عدة من الثاني وله خطبتها فإن ألحقوه بالثاني فقد انقضت عدتها منه وتبتدئ فتكمل على ما مض من عدة الأول وللأول عليها الرجعة ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُطَلَّقَةٍ نَكَحَتْ فِي عدتها فقد ذكرنا بطلان نكاحها، وأنهإ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي كَانَتْ جَارِيَةً فِي عِدَّتِهَا، وَكَانَ وُجُودُ النِّكَاحِ فِي النِّكَاحِ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي انْقَطَعَتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي لَا بِعَقْدِهِ، لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَبِالْفِرَاشِ تَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ، فَإِذَا فراق بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّانِي ارْتَفَعَ فِرَاشُهُ، وَلَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ أَنْ تُكْمِلَ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بَدَّلَتْ بِبَقِيَّةِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْدِ فُرْقَةِ الثَّانِي، فَإِذَا أَكْمَلَتْهَا اسْتَأْنَفَتْ بَعْدَهَا عِدَّةَ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ كَامِلَةٍ، وَهَذَا قَدْ مَضَى وَإِنْ كَانَتْ حِينَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّانِي حَامِلًا فَلِحَمْلِهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُلْحَقَ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُلْحَقَ بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي. وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي.

فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي: فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي، فَهُوَ لَاحِقٌ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ مَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ فَكَانَتِ السِّتَّةُ أَشْهُرٍ حَدًّا لِأَقَلِّهِ فَلَمْ يَكُنْ مَا دُونَهَا مُدَّةً لِلْحَمْلِ، وَكَانَتِ الْأَرْبَعُ سِنِينَ حَدًّا لِأَكْثَرِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَا زَادَ عَلَيْهَا مُدَّةً لِلْحَمْلِ فَلِذَلِكَ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِوُجُودِهِ فِي مُدَّةِ حَمْلِهِ، وَانْتَفَى عَنِ الثَّانِي لِقُصُورِهِ عَنْ مُدَّةِ حَمْلِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ النَّسَبُ، وَالْعِدَّةُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالتَّزْوِيجُ، وَالنَّفَقَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>