قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي مَنْزِلٍ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُعَارًا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجَرًا فَقَدْ مَلَكَ سُكْنَاهُ فَيَلْزَمُ إِقْرَارُهَا فِيهِ كَمَا تُقَرَّ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْزِلُ مُعَارًا فَمَا لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ الْمُعِيرُ فَهِيَ مُقَرَّةٌ عَلَى السُّكْنَى مَا أَقَرَّهَا الْمَالِكُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ أَوِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ إِخْرَاجَهَا مِنْهُ، وَلِمَالِكِهِ حَالَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَبْذُلَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَعَلَى الزَّوْجِ بَذْلُهَا لَهُ وَتُقَرُّ الْمُعْتَدَّةُ فِيهِ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا منه.
والحال الثانية: أن يمتنع المالك في بَذْلِ الْمَنْزِلِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَيُقِيمُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ مَانِعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الزِّيَادَةِ عَلَى أجرة المثل في المطلق أن يستأجر لها مسكنا مِثْلِهَا فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ بِالْمَسْكَنِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ فَإِنْ أَجَابَ الْمَالِكُ إِلَى بَذْلِهِ بَعْدَ نَقْلِهَا مِنْهُ نُظِرَ فِي بَذْلِهِ، فَإِنْ كَانَ بِعَارِيَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ إِلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْعَارِيَةِ فَيَنْقُلَهَا ثَانِيَةً، وَإِنْ كان بإجارة نظر إلى الْمَسْكَنِ الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَارِيَةً أُعِيدَتْ إِلَى الْمَسْكَنِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَرْجِعَ الْمُعِيرُ فَتُخْرَجَ مِنْهُ فَتَكُونَ فِي عَوْدِهَا إِلَى مَنْزِلِ الطَّلَاقِ مَعَ لُزُومِ سُكْنَاهُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا مُسْتَأْجِرَيْنِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تُقَرُّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُعَادُ إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الطَّلَاقِ فِيهِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فِي تَضَاعِيفِ عِدَّتِهَا وَأَرَادَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَقْتَسِمُوا مَسْكَنَهَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ قِسْمَةَ مُنَاقَلَةٍ فَيَأْخُذَ بَعْضُهُمُ الدَّارَ، وَيَأْخُذَ الْبَاقُونَ غَيْرَهَا جَازَ سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزُ نَصِيبٍ لِاسْتِحْقَاقِ السُّكْنَى فِي تَرِكَتِهِمْ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَى فِي الْبَيْعِ وَلَهَا سُكْنَى الدَّارِ فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهَا، وَلَا يَرْجِعُ مَنْ صَارَتِ الدَّارُ فِي سَهْمِهِ بِأُجْرَةِ سُكْنَاهَا عَلَى شُرَكَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْقِسْمَةِ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَسْكَنَ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: يَقْتَسِمُوهَا قِسْمَةَ إِجَارَةٍ فَيُقَسِّمُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ فيها مجازة فَهَذَا فِي ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْجِزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا حَازَهُ بِحَاجِزٍ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute