للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألجئ إِلَى الْأَقْطَعِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَغِرَّتُهُ بِاللَّهِ أشد على مما صنع اقطعوه، فقطعه، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّ الْبُيُوتَ الْمُغَلَّقَةَ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا لَوْ كَانَتْ إِلَى الطَّرِيقِ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ حِرْزًا إِذَا كَانَتْ إِلَى الدَّارِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَهُ متاع في حرز فنقب صاحب الدين على الْحِرْزَ وَسَرَقَ مِنْهُ مَتَاعَ الْغَرِيمِ فَهَذَا عَلَى ضربين:

أحدهما: أن يمطله صاحب الدين بدينه ويمنع من دفعه فينظر فيما أخذ صاحب الدين من الحرز فإن كان يقدر دَيْنِهِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّوَصُّلَ إِلَى أَخْذِهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ دينه فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ قِيمَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ قَدْرًا لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْطَعُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لِلشُّبْهَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْطَعُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هريرة لتميز الحق من الباطل.

والضرب الثَّانِي: أَنْ لَا يَمْطُلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ وَيَقْدِرَ عَلَى أَخْذِهِ بِالْمُطَالَبَةِ فَفِي قَطْعِهِ بِمَا أَخَذَهُ عَنْ دَيْنِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ: لَا يُقْطَعُ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ.

والوجه الثاني: وهو قياس أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يُقْطَعُ لِوُصُولِهِ إلى حقه من غريمه. والله أعلم.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا أَوْدَعَ رَجُلٌ وَدِيعَةً فَأَحْرَزَهَا الْمُودِعُ فِي حِرْزِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ كَانَ حِرْزًا لِمَالِه وَلِلْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالِائْتِمَانِ عَلَيْهَا نَائِبًا عَنْ صَاحِبِهَا فِي إِحْرَازِهَا، فَإِنْ سُرِقَتْ قُطِعَ سَارِقُهَا، وَلَوْ نَقَبَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهَا فَأَخَذَهَا وَسَرَقَ مَعَهَا غَيْرَهَا مِنْ حِرْزِهَا، فَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ وَدِيعَتِهِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِهَتْكِ حِرْزِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ مِنْهَا فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ اقْتِرَانَهَا بِوَدِيعَتِهِ شُبْهَةٌ لَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ متعد بهتك الحرز وأخذ لِمَا لَا يَسْتَحِقُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>