للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ حَصَلَ أَبُوهُ فِي سَهْمِ غَيْرِهِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنْ حَصَلَ فِي سَهْمِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَصَلَ بَعْضُهُ فِي سَهْمِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، سَوَاءٌ بَاشَرَ غَنِيمَتَهُ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْهَا، لِأَنَّهُ بِأَخْذِهِ فِي سَهْمِهِ قَدْ صَارَ مَالِكًا لَهُ بِاخْتِيَارِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا الْغَنِيمَةَ بِالْحُضُورِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ سَائِغَةً بَيْنَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ بِالْقِسْمَةِ إِلَى مَا تَعَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ غَيْرُ أَبِيهِ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ سَهْمُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِذَا لَمْ يُبَاشِرْ غَنِيمَتَهُ إِلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِالْقِسْمَةِ في سهمه، فيعتق بها.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَلَا مِلْكَ لَهُ وَلَهُ وَصِيٌّ كَانَ عَلَيْهِ قَبُولُ هَذَا كُلِّهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ لِأَنَّ عَلَى الْمُوسِرِ عِتْقَ مَا بَقِيَ وَإِنْ قَبِلَهُ فَمَرْدُودٌ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا يُعْتَقُ مَا مَلَكَ الصَّبِيُّ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي مَوْلَى عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وُهِبَ لَهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ وَالِدٍ أَوْ وَلَدٍ، أَوْ وُصِّيَ لَهُ بِهِ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُوهَبَ لَهُ جَمِيعُهُ، فَإِنْ وُهِبَ لَهُ جَمِيعُ أَبِيهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَبِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُكْتَسَبًا أَوْ غَيْرَ مُكْتَسَبٍ.

فَإِنْ كَانَ مُكْتَسَبًا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهُ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، لِأَنَّهُ يَزُولُ بِهِ رِقُّ أَبِيهِ، وَيُمْلَكُ بِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ، وَإِنْ عَاشَ وَاحْتَاجَ الْوَلَدُ الْتَزَمَ نَفَقَتَهُ، فَاسْتَفَادَ بِالْقَبُولِ حُقُوقًا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُضَيِّعَهَا عَلَيْهِ، فَإِنِ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنَ الْقَبُولِ قَبِلَهُ الْحَاكِمُ فِي حَقِّهِ لِظُهُورِ الْمُصْلِحَةِ فِي قَبُولِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْأَبُ زَمِنًا غَيْرَ مُكْتَسِبٍ لَمْ يَخْلُ حَالُ وَلَدِهِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَقْبَلَ لَهُ الْوَصِيَّةَ بِهِ، لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِالْقَبُولِ عِتْقَ أَبِيهِ وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمْنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ قَبُولِهِ، لِمَا فِي الْقَبُولِ مِنَ الْتِزَامِ نَفَقَتِهِ، فَصَارَ عَائِدًا بِالضَّرَرِ عَلَى الْوَلَدِ.

فَصْلٌ

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ أَوِ الْوَصِيَّةُ، بِشِقْصٍ مِنْ أَبِيهِ لَا بِجَمِيعِهِ، فَلِلْوَلَدِ حَالَتَانِ: مُوسِرٌ، وَمُعْسِرٌ.

فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بِالشِّقْصِ مِنَ الْأَبِ، لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَيَمْلِكُ بِهِ الْوَلَاءَ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْإِعْسَارِ، فَعَادَ بِنَفْعٍ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>