للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَهَا بِالْأَهِلَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ ثُمَّ اسْتَكْمَلَتْ بَعْدَهُ الْعِدَّةَ مِنَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ، فَإِنْ كَانَ شَهْرُ الطَّلَاقِ كَامِلًا وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهُ عِشْرِينَ يَوْمًا اعْتَدَّتْ مِنَ الرَّابِعِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ نَاقِصًا اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَاعْتَدَّتْ مِنَ الرَّابِعِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَعْتَدُّ مِنَ الرَّابِعِ عِدَّةَ مَا مَضَى مِنْ شَهْرِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فِي زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ مَا فَاتَ مِنْهُ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي قَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَدَدِ مَا فَاتَ مِنْهُ فِي زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ: الطَّلَاقُ فِي تَضَاعِيفِ الشَّهْرِ يَرْفَعُ حُكْمَ الْأَهِلَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَتَّصِلُ فَلَا تَبْتَدِئُهُ إِلَّا فِي غَيْرِ هِلَالٍ فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَوْفِيَ تعيين يوماً كاملاً لِفَوَاتِ هِلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يُسْتَوْفَى الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كَامِلًا لِفَوَاتِ هِلَالِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا طُلِّقَتْ فِي تَضَاعِيفِ يَوْمٍ لَمْ تَحْتَسِبْ بِبَقِيَّتِهِ، وَإِنْ طُلِّقَتْ نَهَارًا كَانَ أَوَّلَ عِدَّتِهَا دُخُولُ اللَّيْلِ وَإِنْ طُلِّقَتْ لَيْلًا كَانَ أَوَّلَ عِدَّتِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ فَصَارَ الْخِلَافُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي يَوْمِ نَقْصِهِ وَزِيَادَتِهِ وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ فِي يَوْمَيْ زِيَادَتِهَا وَنُقْصَانِهَا، وَمَعَ مَالِكٍ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ أَسْقَطَهَا وَاحْتَسَبْنَاهَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ: أَنَّ الشَّهْرَ إِذَا أُدْرِكَ هِلَالُهُ تَعْتَدُّ بِهِ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ مِنْ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، فَإِذَا فَاتَ هِلَالُهُ اسْتُكْمِلَ عِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا فَابْتَدَأَ الصِّيَامَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ اعْتُبِرَ بِمَا بَيْنَ هِلَالَيْهِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، وَلَوِ ابْتَدَأَ بِالصِّيَامِ فِي تَضَاعِيفِ الشَّهْرِ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِيَكُونَ بِفَوَاتِ الْهِلَالِ كَامِلًا فَاقْتَضَى أَنْ تَسْتَكْمِلَ الْمُعْتَدَّةُ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِفَوَاتِ هِلَالِهِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: وَتَعْتَدُّ بِمَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ فِي الشَّهْرِ مِنَ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ وَإِنْ كَانَا نَاقِصَيْنِ لِإِدْرَاكِ هِلَالِهِمَا بِخِلَافِ مَا قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ.

فَأَمَّا مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَقَدْ زَادَا فِي الْعِدَّةِ بِمَا اسْتَنْقَصَاهُ مِنْ بَقِيَّةِ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَلَيْلَتِهِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَالنُّقْصَانِ مِنْهَا فِي مُخَالَفَةِ التَّقْدِيرِ وَمُجَاوَزَةِ النَّصِّ، وَلَوْ لَمْ تَعْتَدَّ بِبَقِيَّةِ الْيَوْمِ اعْتِبَارًا بِالْكَمَالِ لَلَزِمَ أَنْ لَا تَعْتَدَّ بِبَقِيَّةِ الشَّهْرِ اعْتِبَارًا بِالْكَمَالِ وَفِي فَسَادِ هَذَا فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ دَلِيلٌ عَلَى فساده في بقية اليوم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ حَاضَتِ الصَّغِيرَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَوْ حَاضَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِطَرْفَةٍ خَرَجَتْ مِنَ اللَّاتِي لَمْ يَحِضْنَ وَاسْتَقْبَلَتِ الْأَقْرَاءَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>