أَرَدْتُ الزِّيَادَةَ لَهُمْ، وَلَمْ أُرِدْ لَهُمْ مَا أُدْخِلُ بِهِ النَّقْصَ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الشَّاةُ الْمَاخِضُ فَتَكُونُ أَزْيَدَ ثَمَنًا، وَيُتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا فَيَكُونُ أَزْيَدَ أَمْدَادًا، وَإِنْ أَرَادَ الصِّيَامَ كَانَ أَزْيَدَ أَيَّامًا.
فَصْلٌ
: إِذَا ضَرَبَ الْمُحْرِمُ بَطْنَ بَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ فَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَعِيشَ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ جَمِيعًا فَقَدْ أَسَاءَ بِضَرْبِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ عَنْ ضَرْبِهِ إِتْلَافٌ يُضْمَنُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَمُوتَ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ جَمِيعًا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْوَلَدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَسْقُطَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، فَإِنْ سَقَطَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ أَنْ يفدي الأم بِبَقَرَةٍ كَبِيرَةٍ، وَيَفْدِيَ الْوَلَدَ بِعِجْلٍ صَغِيرٍ، وَإِنْ سَقَطَ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ بِوَضْعِهِ، وَلَا يَفْدِيَهُ بِعِجْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَيًّا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ الْأُمَّ بِبَقَرَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَمُوتَ الْأُمُّ دُونَ الْوَلَدِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَ الْأُمَّ بِبَقَرَةٍ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حيٌّ يَعِيشُ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَمُوتَ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْوَلَدِ، فَإِنْ سَقَطَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَدَاهُ بِعِجْلٍ صَغِيرٍ، وَإِنْ سَقَطَ مَيِّتًا فَدَاهُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ بِوَضْعِهِ، وَهُوَ أَنْ يُقَوِّمَهَا حَامِلًا قَبْلَ الْوَضْعِ ثُمَّ حَائِلًا بَعْدَ الْوَضْعِ، ثُمَّ يَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْعُشْرَ فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الصَّيْدِ إِذَا جَرَحَهُ جُرْحًا نَقَصَ بِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ.
مَسْأَلَةٌ
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ جَرَحَ ظَبْيًا فَنَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ الْعُشْرُ فَعَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ شاةٍ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ النقص أقل أو أكثر (قال المزني) عليه عشر الشَّاةِ أَوْلَى بِأَصْلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَأَمَّا إِذَا جَرَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا، أَوْ قَطَعَ مِنْهُ عُضْوًا، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَسْرِيَ الْجِرَاحَةُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَمُوتَ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ؛ لِأَنَّ السَّرَايَةَ تُضْمَنُ بِالتَّوْجِيهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا تَسْرِيَ إِلَى نَفْسِهِ، بَلْ تَنْدَمِلَ وَالصَّيْدُ حيُّ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِجَزَاءٍ كَامِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَهُ عَنِ الِامْتِنَاعِ بِجِرَاحَتِهِ فَقَدْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ بَعْدَ انْدِمَالِ جِرَاحَتِهِ مُمْتَنِعًا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ بِجِرَاحَتِهِ، وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ: جُرْحُ الصَّيْدِ غَيْرُ مَضْمُونٍ،