للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَكَلَ جَمِيعَهَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا فِي الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، لِمَا فِيهَا مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْبُسْرِ وَلَا فِي الرُّطَبِ، لِخُرُوجِهَا فِي الْإِطْلَاقِ مِنِ اسْمِ الْبُسْرِ وَاسْمِ الرُّطَبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْفَيَّاضِ الْبَصْرِيِّ إنَّهُ إِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا بُسْرًا حَنِثَ بِهَا فِي الْبُسْرِ وَلَمْ يَحْنَثْ بِهَا فِي الرُّطَبِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا رُطَبًا حَنِثَ بِهَا فِي الرُّطَبِ، وَلَمْ يَحْنَثْ بِهَا فِي الْبُسْرِ، اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ.

وَهَكَذَا إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا، فَأَكَلَ زَبِيبًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ زَبِيبًا، فَأَكَلَ عِنَبًا لَمْ يَحْنَثْ. لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ.

فَأَمَّا إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خَوْخًا، فَأَكَلَهُ يَابِسًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ مِشْمِشًا، فَأَكَلَهُ يَابِسًا فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ، لِزَوَالِ الصِّفَةِ كَالتَّمْرِ مَعَ الرُّطَبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ، لِبَقَاءِ الِاسْمِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ الَّذِي يَزُولُ عَنْهُ الاسم. والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " أَوْ زُبْدًا فَأَكَلَ لَبَنًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ كُلَّ واحدٍ مِنْهَا غَيْرُ صَاحِبِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا وَلَا يَشْرَبُ اللَّبَنَ حَنِثَ بِكُلِّ لَبَنٍ مُبَاحٍ مِنْ مَعْهُودٍ وَغَيْرِ مَعْهُودٍ، فَالْمَعْهُودُ أَلْبَانُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَغَيْرُ الْمَعْهُودِ: لَبَنُ الصَّيْدِ. وَعِنْدَ ابْنِ سُرَيْجٍ إنَّهُ يَحْنَثُ بِالْمَعْهُودِ مِنْ أَلْبَانِ النَّعَمِ، وَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ الْمَعْهُودِ مِنْ أَلْبَانِ الصَّيْدِ، كَمَا قَالَه فِي الْبَيْضِ.

فَأَمَّا أَلْبَانُ الْخَيْلِ، فَهِيَ مَعْهُودَةٌ فِي بِلَادِ التُّرْكِ. وَغَيْرُ مَعْهُودَةٍ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ.

وَأَمَّا أَلْبَانُ الْآدَمِيَّاتِ، فَمَعْهُودَةٌ فِي الصِّغَارِ، وَغَيْرُ مَعْهُودَةٍ فِي الْكِبَارِ.

وَفِي حِنْثِهِ بِالْأَلْبَانِ الْمُحَرَّمَةِ، كَأَلْبَانِ الْحَمِيرِ وَالْكِلَابِ وَجْهَانِ، كَمَا قُلْنَا فِي حِنْثِهِ بِاللُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ اعْتِبَارًا بِالِاسْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>