للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ وَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُفْلِسِ فَنَكَلَ وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَحْلِفُوا فَفِيهِ قَوْلَانِ فَالْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ. وَفِي جَوَازِ إِحْلَافِ الْغُرَمَاءِ فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: وَهُوَ الْقَدِيمُ - يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ صَائِرٌ إِلَيْهِمْ كَمَا يَصِيرُ مَالُ الْمَيِّتِ إِلَى وَرَثَتِهِ فَلَمَّا جَازَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَالِ الْمُفْلِسِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ أَثْبَتُ مِنْ حَقِّ الْوَكِيلِ فِي مَالِ الْمُوَكِّلِ فَلَمَّا جَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَحْلِفَ فِي إِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ إِذَا اخْتَلَفَ الْوَكِيلُ وَالْبَائِعُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ يَثْبُتُ لَهُمْ حَقٌّ فِي مَالِ الْمُوَكِّلِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ إِحْلَافُ الْغُرَمَاءِ لِثُبُوتِ حُقُوقِهِمْ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ الْجَدِيدُ - أنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَالَ يَمْلِكُهُ الْمُفْلِسُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ كَانَ تَالِفًا فِي حَقِّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ أَحَدٌ مَالًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا تَكُونُ نِيَابَةٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنِّيَابَةِ فِي الْيَمِينِ لَا تَصِحُّ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ غَيْرُ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ تَعَلُّقُ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ يَمِينِهِمْ عَنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْتَأْجِرَ الدَّارِ لَوْ غَصَبَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْغَاصِبِ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا وَمُرْتَهِنُ الرَّهْنِ لَوْ غَصَبَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ اسْتِيفَائِهِ بِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ فِي إِثْبَاتِ دَعْوَى الْمُفْلِسِ كَالْيَمِينِ فِي نَفْيِ الدَّعْوَى عَنْهُ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا فِي نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ إِذَا أَنْكَرَ وَنَكَلَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفُوا فِي إِثْبَاتِ مَا ادَّعَاهُ إِذَا صَارَتِ الْيَمِينُ لَهُ فَنَكَلَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَرَثَةَ لَمَّا جَازَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا فِي إِثْبَاتِ الدَّعْوَى لِلْمَيِّتِ جَازَ أَنْ يَحْلِفُوا فِي نَفْيِ الدَّعْوَى عَنْهُ وَهَذَا تَوْجِيهٌ وَانْفِصَالٌ.

(فَصْلٌ)

فَإِنْ قِيلَ بِأَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَجُوزُ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْلِفُوا فَلَا مَسْأَلَةَ. وَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ إنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا حَلَفَ جَمِيعُهُمْ كَمَا يَحْلِفُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ قضي لَهُ مِنَ الدَّعْوَى بِقَدْرِ حِصَّةِ دَيْنِهِ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ نكول غيره بمسقط لِحَقِّهِ بَعْدَ يَمِينِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ قضي لَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>