للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

(بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ من كتاب الحدود وغيره)

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحِمَهُ اللَّهُ " الْقَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا لِثُبُوتِ الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك) .

قال الماوردي: والأصل فِي وُجُوبِ قَطْعِ السَّارِقِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨] وفي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا) ، فَجَعَلَ حَدَّ السَّرِقَةِ قَطْعَ الْيَدِ لِتَنَاوُلِ الْمَالِ بِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ حَدَّ الزِّنَا قَطْعَ الذَّكَرِ لِمُوَاقَعَةِ الزِّنَا بِهِ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ لِلسَّارِقِ مِثْلَ يَدِهِ إِذَا قُطِعَتْ، وَلَيْسَ لِلزَّانِي مِثْلَ ذَكَرِهِ إِذَا قُطِعَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْحُدُودَ زَجْرٌ لِلْمَحْدُودِ وَغَيْرِهِ، وَالْيَدُ تُرَى وَالذَّكَرِ لَا يُرَى.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ فِي قَطْعِ الذَّكَرِ إِبْطَالُ النَّسْلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي قَطْعِ الْيَدِ، وَقَدْ قُطِعَ السَّارِقُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ فأمر الله تعالى به في الإسلام فكان أول سارق قطع من الرجال في الإسلام الْخِيَارَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَمِنَ النِّسَاءِ مُرَّةَ بِنْتَ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ.

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عن عروة عن أم سلمة أن قريشاً همهم شأن الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قالوا ما يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَلَّمُوهُ فَأَتَاهُ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إنما هلك من كان قبلكم كَانَ إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُهَا) ثُمَّ أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>