مَانِعٍ مِنْهَا، وَهَذَا فَسَادٌ، وَفِيهِ انْفِصَالٌ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَتَفَرَّعُ جَمِيعُ مَا نَذْكُرُهُ.
فَمِنْ فُرُوعِهِ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فِي نَقْبِ حِرْزٍ وَيَدْخُلُهُ أَحَدُهُمَا فَيَأْخُذَ السَّرِقَةَ بِيَدِهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْحِرْزِ، وَيَأْخُذُهَا الْآخَرُ مِنْهُ وَلَا يَدْخُلُ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ يَدُ الدَّاخِلِ قَدْ خَرَجَتْ بِالسَّرِقَةِ مِنَ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ دُونَ الْخَارِجِ؛ لأنه المخرج مِنَ الْحِرْزِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا مِنَ الْحِرْزِ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ قَدْ أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى الْحِرْزِ، وَأَخَذَهَا مِنْهُ قُطِعَ الْخَارِجُ دُونَ الدَّاخِلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخْرِجُ لَهَا مِنَ الْحِرْزِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى الْحِرْزِ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في الحالين.
وعندنا يجب القطع في الحالين عَلَى الدَّاخِلِ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ، وَعَلَى الْخَارِجِ إِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ.
(فَصْلٌ)
إِذَا دَخَلَ الْحِرْزَ بَعْدَ هَتْكِهِ وَفِيهِ مَاءٌ جَارٍ فَوَضَعَ السَّرِقَةَ عَلَى الْمَاءِ فَخَرَجَتْ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ قُطِعَ؛ لِأَنَّ الماء يجري بطبع لا اختيار، ولو كان كَانَ الْمَاءُ رَاكِدًا فَحَرَّكَهُ حَتَّى جَرَى وَجَرَى بالسرقة قُطِعَ، وَلَوْ حَرَّكَهُ غَيْرُهُ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ بِحَرَكَتِهِ نُسِبَتْ إِلَى فِعْلِهِ، وَإِذَا خَرَجَتْ بِحَرَكَةِ غَيْرِهِ نُسِبَتْ إِلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَوِ انْفَجَرَ الْمَاءُ الرَّاكِدُ فِي الْحِرْزِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ حَتَّى جَرَى فَخَرَجَتْ بِهِ السَّرِقَةُ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ سبب خروجها.
والوجه الثاني: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِالِانْفِجَارِ الْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ وَضَعَ السَّرِقَةَ فِي النقب فأطارتها الريح حتى خرجت فإن كانت الرِّيحُ عَلَى هُبُوبِهَا عِنْدَ وَضْعِ السَّرِقَةِ قُطِعَ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَإِنْ حَدَثَ هُبُوبِهَا بَعْدَ وَضْعِهَا فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ كَانْفِجَارِ الْمَاءِ بَعْدَ رُكُودِهِ، وَمِثْلُهُ رَمْيُ الْهَدَفِ إِذَا أَصَابَهُ السَّهْمُ بِقُوَّةِ الرِّيحِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ احتسب له بإصابته، وإن حدث بَعْدَ إِرْسَالِهِ فَفِي الِاحْتِسَابِ بِهِ وَجْهَانِ.
(فَصْلٌ)
ولو وَضَعَ السَّرِقَةَ فِي الْحِرْزِ عَلَى حِمَارٍ فَخَرَجَ بِهَا الْحِمَارُ فَإِنْ سَاقَهُ أَوْ قَادَهُ قُطِعَ، وَإِنْ سَاقَهُ أَوْ قَادَهُ غَيْرُهُ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ خَرَجَ الْحِمَارُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ سَوْقٍ، وَلَا قَوَدٍ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ السارق، ولأن مِنْ عَادَةِ الْبَهَائِمِ أَنْ تَسِيرَ إِذَا أَثْقَلَهَا الْحِمْلُ، فَصَارَ خُرُوجُهَا عَلَيْهِ كَوَضْعِهَا فِي الْمَاءِ الجاري.